ففيه أنّ التخيير في الأمر القصدي ، فإن جعل في قصده حصول الافتتاح بالأوّل تعيّن هو لذلك ، وإن جعله بالمجموع منها ومن الاثنتين الأخريين كان كلّ من الثلاث بمنزلة الجزء من التكبيرة الواحدة . فإن قلت : لا يتأتّى ذلك بناء على الاحتمال الذي ذكرته في أوّل البحث من كون التكبيرة بالمعنى البسيط جزء للصلاة ، وهو إظهار كبرياء الحقّ تعالى ، فإنّه دائما متحصّل بالتكبيرة الأولى . قلت : نعم لو كان ذلك المعنى البسيط غير قابل للتشكيك ، وأمّا إذا فرضناه كذلك مثل التنظيف ، فيجري فيه أيضا ما ذكرناه ، فإنّ قصد حصول الافتتاح بالمرتبة التي محصّلها تكبيرة واحدة تعيّنت هي لذلك ، وإن قصد حصول المرتبة التي محصّلها الثلاث فهكذا . وبالجملة ، فإن كان الوجه ما ذكر ، فهذا جوابه ، وإن كان غيره فلا بدّ من بيانه حتّى ينظر فيه . ومن أراد الاحتياط فليتكلَّم بالتكبيرة الأولى قاصدا حصول الافتتاح بها إن كان الأمر في علم الله كما ذكروه ، وإلَّا فبالمجموع منها ومن الباقي ، ثمّ يأتي بالبقيّة ، أعني : متمّم الثلاث أو الخمس ، أو السبع بقصد القربة المطلقة . ثمّ إنّ في بعض الروايات أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله كبّر للصلاة وإلى جانبه الحسين بن عليّ عليهما السّلام ، فلم يحر الحسين عليه السّلام بالتكبير ، ثمّ كبّر رسول الله صلَّى الله عليه وآله ، فلم يحر الحسين عليه السّلام بالتكبير ، فلم يزل رسول الله صلَّى الله عليه وآله يكبّر ويعالج الحسين عليه السّلام ، فلم يحر حتّى أكمل سبع تكبيرات ، فأحار الحسين عليه السّلام التكبير في السابعة ، فقال أبو عبد الله عليه السّلام : فصارت سنّة [1] .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام ، الحديث 1 .