ما حرّمته أدلَّة الرياء هو ما كان منافيا معه وموجبا لجعل رضى الله تعالى وغيره شريكين ، فلا ربط لها بهذا القسم ، واللازم من ذلك بقاؤه على الإباحة ، وقد عرفت الصحّة مع كون الضميمة مباحة . نعم لو فرض أنّ المكان الذي اختاره لأجل الصلاة كان هو المسجد أو مكانا مرغوبا للصلاة فيه شرعا وكان غرضه من اختياره إراءة الناس أنّه عامل بهذا الأمر الاستحبابي المتعلَّق بإيقاع الصلاة في هذا المكان فحينئذ يشمله الأدلَّة المحرّمة للرياء ، ويوجب ذلك بطلان أصل العمل ، لمكان اتّحاده مع العنوان المحرّم . وينبغي التيمّن بذكر الأخبار الواردة في الباب حتّى يعلم صدق ما ادّعيناه . فنقول : روى في الوسائل عن الكليني قدّس سرّهما بطريق متّصل إلى أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله عليه السّلام « قال عليه السّلام : ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسرّ سيّئا ، أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أنّ ذلك ليس كذلك ؟ والله عزّ وجلّ يقول * ( بَلِ الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه بَصِيرَةٌ ) * الحديث » [1] . وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام : « قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله : سيأتي زمان تخبث فيه سرائرهم ، وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا ، لا يريدون به ما عند ربّهم ، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف » الحديث [2] . وعن عمر بن يزيد « قال : إنّى لأتعشّى مع أبي عبد الله عليه السّلام إذ تلي هذه الآية * ( بَلِ الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه بَصِيرَةٌ ولَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ) * ثمّ قال عليه السّلام : ما يصنع الإنسان أن
[1] الوسائل : كتاب الطهارة ، الباب 11 من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث 1 . والآية في سورة القيامة : 14 . [2] المصدر : الحديث 4 .