الأوّل : أن يكون الداعي النفساني ضعيفا غير قابل في حدّ ذاته للمحرّكيّة ، ولكنّ الأمر الشرعي كان قويّا بالغا ذلك الحدّ . والثاني : عكس ذلك . والثالث : أن يكون كلّ منهما منفردا ضعيفا غير صالح للداعويّة ، ولكنّهما منضمّين بلغا إلى حدّ الدعوة والتأثير . والرابع : أن يكون كلّ على حدّ الاستقلال في حدّ نفسه ، وإنّما اشتركا في مرحلة التأثير الفعلي لأجل عدم قابليّة المحلّ الواحد لتأثيرين استقلاليّين ، فكلّ منهما علَّة مستقلَّة بحسب الشأنيّة وجزء علَّة بحسب الفعليّة . أمّا القسم الأوّل فالعمل وإن كان بالدقّة لا يخلو عن شركة تأثير غير الأمر ، فإنّ الداعي النفساني ليس بلا ربط صرف ، ولا أقلّ من كونه مؤثّرا في تأكَّد الداعي ، إلَّا أنّه يمكن دعوى كفاية هذا المقدار في صدق عنوان الإطاعة في نظر العرف ، وإن قلنا بكفاية العمل في القسم الرابع فهاهنا يكون كذلك بطريق أولى . وأمّا القسم الثالث فلا إشكال ظاهرا في عدم عدّه عند العرف عبدا مطيعا للمولى ، فإنّه إنّما تحرّك بأمر مولاه وهواه منضمّين ، وليس منقادا لأمر مولاه فقط . والقسم الثاني يكون حاله كذلك ، بل أوضح . وأمّا الرابع فقد يقال تبعا لبعض الأعاظم [1] قدّس سرّه بالكفاية فيه ، نظرا إلى عدم الدليل على اعتبار ما زاد على كون الأمر مؤثّرا في نفسه ولو خلَّي وطبعه ولم ينضمّ إليه شيء ، وهذا كذلك ، وأمّا اعتبار كونه خالصا عن الضميمة بهذا المعنى أيضا فنطالب بدليله ، إذ الأدلَّة اللفظيّة التي تمسّكوا بها لاعتبار الإخلاص في العبادة حتّى
[1] هو كاشف الغطاء قدّس سرّه ، منه رحمه اللَّه تعالى .