الأوّل : أن يكون محلّ دعوته ترجيح الخصوصيّة الفرديّة من بين الخصوصيّات بعد ما صار الداعي الإلهي محرّكا له إلى تحصيل صرف الوجود للطبيعة المأمور بها ، فإنّ الأمر لا يقتضي أزيد من صرف الوجود ، فلا محالة تكون الخصوصيّات الفرديّة مفوّضة إلى اختيار المكلَّف ، فإذا لم يكن في نفسه داع إلى استعمال الماء بوجه ولكن بعد ما صار ملجئا بتحريك الأمر الوضوئي إلى استعماله فاختار فردا خاصّا من الماء لأجل بعض دواعيه النفسانيّة لم يضرّ ذلك بداعويّة الأمر وصدق الإطاعة والامتثال في حقّه وإن كان هذا الوجود الواحد الخارجي إنّما حصل ببركة داعيين : أحدهما أثّر في الصرف المتحقّق فيه ، والآخر في خصوصيّته ، لكن هذا المقدار ممّا لا يضرّ ولا يوجب سقوط الأمر عن الاستقلال في الداعويّة أيضا لو قلنا باعتباره في صدق الإطاعة على كلام يأتي فيه إن شاء الله تعالى في القسم الثاني من القسمين الأوّلين . والثاني : أن يكون محلّ دعوته طبيعة مغايرة مفهوما مع الطبيعة المأمور بها وإن كانا قد يجتمعان في الوجود الخارجي ، كما إذا توجّه خاطره إلى تحصيل عنوان التبريد المجامع مع القعود في السرداب ، ومع غسل بعض بدنه أو تمامه بالماء ، ومع وضع خرقة مرطوبة على جسده بحيث لم يتفاوت في غرضه شيء من ذلك ، وكان كلّ منها ممكنا له بلا فرق ، وتعلَّق به أمر الشارع بالوضوء ، وهو مقتض لصرف الوجود المجامع مع عنوان التبريد وبدونه ، فدعاه هذا الأمر إلى إيجاد الوضوء ، لكن في خصوص فرده الخاصّ المتحقّق بالماء البارد تحصيلا لذلك الغرض التبريدي . فهذا أيضا حاله كالقسم الأوّل في عدم الإشكال في الصحّة ، فإنّ هذا الوجود الواحد وإن تركَّب في إيجاده داعيان ، لكن كلّ منهما أثر في شطر منه ، فبعض في إيجاد وضوئيّته ، وآخر في إيجاد تبريديّته ، نعم بين عنواني الوضوء والتبريد جامع وهو