وبالجملة ، القرب الفاعلي متحقّق بلا شكّ ، والفعل أيضا واجد للجهة المقرّبة ، وهما منضمّين كافيان قطعا لحصول العبادة وإن لم يصدق عنوان الامتثال ، والله العالم بحقيقة الحال . ثمّ إنّه لو قصد الأمر الوجوبي ندبا بعنوان التشريع أو بالعكس كذلك فالحقّ هنا جريان التفصيل المتقدّم ، بمعنى أنّه لو كان المؤثّر في نفسه ذات الأمر وجعل ما شرّعه هو من وصف الوجوبيّة أو الندبيّة عرضا عليه في عرض الداعويّة فاللازم هو الصحّة ، لأنّه قد تحرّك بالأمر الواقعي ، والكيفيّة التشريعيّة لم يؤثّر في نفسه شيئا . وإن كان المؤثّر هو الذات مع الكيفيّة التشريعيّة على وجه التقييد فاللازم البطلان ، لأنّ التحرّك بالأمر التشريعي لا يوجب القرب . المقام الرابع [ في قصد التمييز ] : اعلم أنّ الوجه المتصوّر الذي يمكن أن يكون اتّكال القائل بلزوم تفصيليّة العمل المتعلَّق للأمر عند التمكَّن منه في حصول الامتثال في باب العبادة عليه أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ . أحدهما : منع صدق الامتثال والقرب مع كونه متساهلا في السؤال وإتيانه بعملين أو أعمال ، فإنّه لا يعدّ بهذا العمل التساهلي مطيعا ولا يصير مقرّبا ، بل يعدّ مستهزئا ولاغيا . والثاني : أنّ قصد التمييز يحتمل أن يكون كقصد الأمر ممّا له دخل في الغرض ، ولا يمكن للآمر أخذه في متعلَّقه ، للدور المقرّر في محلَّه ، وكلّ ما كان من القيود مشكوكا في هذه المرحلة فالأصل فيه يقتضي الاشتغال وإن قلنا في القيود المشكوكة الممكنة الأخذ في المأمور به بالبراءة ، لأنّ الشكّ هناك عند القائل بالبراءة