إذا عرفت ذلك ففيما نحن فيه أيضا يجري هذا التفصيل بعينه ، فتارة يكون المؤثّر في نفسه ذات أمر المولى مع تجزئته في الذهن عن وصف ما اعتقده عليه من الوجوبيّة أو الندبيّة ، فيجعله داعيا لنفسه ونصب عينه عند الحركة سمت الفعل ، ولازم ذلك هو الصحّة وعدم بقاء عمله بلا داع واقعيّ . وأخرى يكون المؤثّر هو الأمر الوجوبي على نحو الاندماج ، كما هو عليه في الخارج ، ولازم هذا بقاء حركته بلا داع خارجيّ وكونه بدعوة الأمر الوهمي الخيالي ، ولا يكفي هذا في الامتثال ، هذا ما هو المشهور في ألسنة المشايخ قدّس سرّهم . وقد استشكل عليه شيخنا الأستاذ دام ظلَّه في هذا المقام مع تسليمه منهم في مسألة الاقتداء ، وحاصل ما استشكله أنّا لسنا في باب العبادة ندور مدار صدق الامتثال حتّى يرد الكلام المزبور في صورة التقييد ونحكم بأنّه لا يصدق الامتثال ، لأنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، بل باب العبادة يكفيه التحرّك بملاك الأمر ولو لم يكن أمرا أصلا ، كما في الضدّ العبادي المزاحم بالضدّ الأهمّ ، حيث يقول القائل بعدم إمكان الأمر بالضدّين ترتّبا بأنّ العبادة مع ذلك صحيحة إذا أتى بها بداعي الرجحان الذاتي . فالمعتبر في باب العبادة أمران : أحدهما : كون الفعل ذا جهة محسّنة يصلح لأن يتقرّب به ، وهذا بالفرض موجود في المقام ، والأمر الثاني : أن يكون الفاعل آتيا بالفعل على وجه يوجب القرب له ، وهو في المقام حاصل ، وذلك لأنّ اعتقاده الوجوب ليس بأضعف من احتماله الوجوب ، وكما أنّه لو انبعث باحتمال الوجوب وأتى بالفعل احتياطا بهذا الاحتمال ولم يكن واقعا وجوب كان موجبا للقرب الانقيادي . فالاعتقاد في ما نحن فيه يؤثّر في القرب الفاعلي الانقيادي بطريق أولى ،