اعتبر في القراءة التي هي الجزء بحيث لو نسيه وتذكَّر قبل الركوع لم يبق محلَّه ، فهو وإن كان أتى بالقراءة ولكن لم يأت بالجزء الآخر الذي هو الجهر فيها . إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الاحتمال الأوّل في أخبار هاتين الصلاتين بالنسبة إلى مطلقات الأربع ركعات في غاية البعد ، فإنّه مبنيّ على أن يكون المراد بها الإشارة إلى تلك النوافل والأمر بإتيانها بهذه الكيفيّة ، وهو من البعد بمكان ، إذ فرق بين الأمر بإتيان الصلاة الكذائيّة بهذه الكيفيّة وبين الأمر أوّلا بإتيان الصلاة المكيّفة ، وهذه الأخبار من الثاني ولا وجه للاحتمال الأوّل . إلَّا أنّه مع ذلك يمكن أن يقال : لا يقتضي استقلالها عن النوافل المغربيّة لزوم انفكاكها في الوجود عنها ، بمعنى أنّه ليس المحصّل من الأمر المطلق والأمر المقيّد بالوجه الثاني إلَّا تأكَّد مطلوبيّة صرف وجود الطبيعة ، لكونه موردا للطلب مرّة بالأمر المطلق ، وأخرى في ضمن المقيّد . وبعبارة أخرى : ليس الأمر المقيّد متعلَّقا بما عدا صرف الوجود أعني : الوجود الثاني ، بحيث لا بدّ من التفريق بينهما في الوجود . بل نقول : هكذا الحال في العنوانين المتغايرين مفهوما المتصادقين خارجا ، مثل : إكرام العالم وإكرام الهاشميّ ، فليس المستفاد من وقوع كلّ منهما تلو الأمر إيجادهما منفكَّين ، بل يكفي ولو أتى بالمجمع ، ففي ما نحن فيه لو أتى بالمقيّد خرج عن عهدة كلا الأمرين ، نعم لو أوجد الطبيعة خالية عن القيد كان عليه الإيجاد الثانوي مع القيد . بل نقول : وهكذا الحال في ذوات الأسباب على خلاف ما اختاره الشيخ الأعظم ، لأنّ تأثير السببين إن كان في الأمر كان اللازم تأكَّد الأمر في صرف الوجود ، وإن كان تأثيرهما في الوجود أعني : صرفه كان اللازم أيضا عدم تعدّد