كما لو جلسوا على هيئتهم بعد الفراغ من الصلاة والتعقيب لاستماع الموعظة أو المرثية أو غير ذلك بحيث انقلبت هيئة المجلس إلى هيئة أخرى ، وبالجملة فالمعيار تفرّق الهيئة الصلاتيّة ، غاية الأمر أنّه كما يحصل هذا تارة بتفرّق أبدان المصلَّين عن أمكنتها يحصل أخرى مع اجتماع أبدانهم وبقائها في أمكنتها ، كما في المثال المذكور ، ليس له وجه وإن كان يظهر من بعض الكلمات اختياره ، وذلك لأنّ عنوان التفرّق لا يصحّ إضافته إلَّا إلى متعدّد ، والهيئة الصلاتيّة أمر واحد لا يصحّ نسبة التفرّق إليها ، نعم يصحّ نسبة التبدّل والانقلاب والزوال ونحو ذلك إليها . فالذي يمكن احتماله في الروايات المشتملة على التفرّق منحصرة في الاحتمالات الثلاثة المتقدّمة التي ذكرنا لازم كلّ منها ، وعلى كلّ من تلك الثلاثة لا يفرق الحال بين بقاء الهيئة الصلاتيّة في المتخلَّفين وانقلابها إلى الضدّ ، فإنّ المعيار بناء عليها إمّا تفرّق الأشخاص وعدم تفرّقها بأحد الوجهين من الاستغراق أو المجموعيّة ، أو تفرّق الصفوف وعدم تفرّقها ، وكلّ ذلك يلائم مع بقاء الهيئة الأوّلية الصلاتيّة في المتخلَّف وعدم بقائها كما هو واضح ، فالاحتمال المذكور يبقى بلا مدرك رأسا ، والله العالم . بقي الكلام في رواية كتاب زيد النرسي ، والإنصاف أنّها مشوّشة المتن ، فإنّها قد قسّم المسألة على ثلاثة أقسام ، ولكن لم يعلم أيّ فرق بين القسمين الأوّلين ، فإنّ القسم الأوّل : عبارة عمّا إذا انصرف القوم ووجد الإمام مكانه وأهل المسجد قبل أن يتفرّقوا . والثاني عبارة عمّا إذا وافيتهم وقد انصرفوا عن صلاتهم وهم جلوس ، وأنت خبير بأنّ قوله : وهم جلوس عبارة أخرى عن قوله في القسم الأوّل قبل أن يتفرّقوا ، اللَّهمّ إلَّا أن يحمل الأوّل على موضوعيّة الجلوس ، ويحمل الشقّ الأوّل على