ولكنّ الحقّ أنّه أيضا قريب من الوجه الأوّل في البعد ، لا لأنّا لا نحتمل بحسب مقام الثبوت عن أن يكون في البين مزاحم أهمّ ملازم مع تركهما ، بل هذا محتمل هنا بحسب الثبوت على خلاف المقام السابق ، حيث قلنا : لا يحتمل أن يكون الجمع بين الصلاتين والمبادرة إلى الصلاة الثانية راجحا أصلا فضلا عن أن يكون أرجح من الأذان . ولكن لأجل عدم مناسبة ذلك مع التعبير بكلمة الحثّ والتحريض فإنّ المستحبّ المزاحم بمستحبّ آخر أقوى وأهمّ منه لا نضايق أن يرد فيه الترخيص أو الأمر الذي مفاده أيضا ذلك ، لوقوعه في مقام توهّم الحظر ، وأمّا الحثّ والتحريص نحوه فنضايق عنه ، فإنّ المقام غير لائق به ، وحاله حال الترخيص في فعل الواجب الذي زاحمه واجب آخر أهمّ منه ، فكما لا يصحّ الترخيص نحوه بنحو الإطلاق بل بنحو الترتّب على مذاق من يصحّح الترتّب وإلَّا فلا يصحّ مطلقا ، فكذا حال الترغيب والتحريص بكلمة « عليك » ونحوه التي معناها الملازمة وعدم الانفكاك في المستحبّ الذي زاحمه مستحبّ آخر أهمّ منه . وحينئذ فالإنصاف أنّ عدّ المقام من باب تعارض الخبرين الذي لا جمع عرفي بينهما أولى من هذه التجشّمات . وحينئذ نقول : لا مقاومة للخبرين بالنسبة إلى ما تقدّمهما ، لأنّ الأصحاب تلقّوا تلك بالقبول وأفتوا بمضمونها ، وقد أعرضوا عن هذين ، وهذا يوجب وهنهما بحسب السند وخروجهما عن موضوع الحجّية رأسا ، فتكون تلك سليمة عن المعارض الحجّة . إذا عرفت فلنشرع في تفصيل المسألة بحسب ما يستفاد من النظر في تلك الأخبار وأنّ السقوط هل هو على وجه الرخصة أو على وجه العزيمة ، وعلى كلّ