عليك فعلهما ، وبين هذين المضمونين كمال التهافت والتنافر ، فما يقال في وجه التوفيق أمران لا يصلح شيء منهما للمصير إليه . الأوّل : تقييد الأخيرين بما بعد التفرّق ، وهما آبيان عنه ، بل يمكن عدّهما ناصّين في أنّ المفروض إدراك الإمام متّصلا بسلامه ولم يتفرّق الجماعة ، فلا يصلح للتقييد بما بعد تفرّقها . وبالجملة ، فتقييدهما بما بعد التفرّق في البعد بمثابة تقييد ما قبلهما بما قبل السلام ، فكما أنّها نصّ في ما بعده وقبل التفرّق ، فكذا هما أيضا ناصّان في عين هذا الموضوع . والثاني : حمل ما تقدّمهما على الكراهيّة العباديّة وحملهما على أصل الرجحان والاستحباب المتقوّم به عباديّتهما ، فإنّ العبادات المكروهة ليست عبارة عمّا يترجّح تركها المطلق على فعلها ، كما هو المراد بالكراهيّة المصطلحة ، كيف وهذا لا يجامع عباديّتها المتوقّفة على رجحان الفعل على الترك ، بل عبارة عن مضادّة وجودها مع مستحبّ آخر هو آكد منها ، وهو ملازم مع تركها ، فمرجوحيّتها إنّما هي بالقياس إلى ذاك المستحبّ الأهمّ . وعلى هذا فنقول في هذا المقام : إنّ ترك الأذان والإقامة لمن دخل على الجماعة بعد السلام ملازم مع أمر وجودي يكون مطلوبا للشارع بمطلوبيّة آكد وأهمّ من مطلوبيّة فعلهما له ، مثل احترام إمام الجماعة السابقة أو الإمام الراتب ، فبملاحظة إدراك ذاك الأهمّ ورد في الأخبار السابقة التأكيد والمبالغة في المنع عنهما ، وبملاحظة كونهما في حدّ ذاتهما راجحين ومستحبّين ورد في الخبرين الأخيرين الحثّ والتحريض إلى فعلهما ، هذا ما قد يقال في وجه الجمع ودفع المنافاة .