وإمّا نقول : إنّ ظاهر قوله : جمع بينهما ، أو أجمع بينهما بأذان وإقامتين كقولك : جمعت صلاتي الظهر والعصر بوضوء واحد كون الأذان واقعا لكلتا الصلاتين لا لخصوص الظهر حتّى يبقى العصر بلا أذان . وحينئذ فحاله حال المأموم الذي يكتفى بأذان الجماعة عن أذان آخر لصلاته ، وعلى هذا فالدليل دالّ على عدم المشروعيّة وجواز الإتيان برجاء المطلوبيّة على كلا الوجهين ، أمّا على الأوّل فواضح ، فإنّ الحرمة الذاتيّة غير محتملة أو مدفوعة بالأصل ، والتشريعيّة منفيّة مع الاحتياط ، وأمّا على الثاني فلأنّه وإن قامت الحجّة على نفي المشروعيّة ، لكن مع ذلك يحتمل خلافه ، ويجوز إدراكا لهذا الاحتمال الإتيان برجاء المطلوبيّة . لكنّك خبير بأنّه على كلا الوجهين لا يبقى خصوصيّة ليوم الجمعة بالنسبة إلى سائر الأيام ، بل الحكم عامّ لجميع أفراد الجمع ، يوم الجمعة كان أم غيره ، مستحبّا كان أم جائزا ، كما أنّه اتّضح أنّ تركه يكون على وجه العزيمة لا الرخصة ، بمعنى جواز إتيانه بقصد التوظيف ، لكن كان الأفضل تركه وكان الفعل أقلّ فضلا ، كما هو الحال في العبادات المكروهة . ويمكن استفادة عدم المشروعيّة من بعض الأخبار الذي دلّ على أنّ الجمع بين الصلاتين يكون في ما إذا لم يكن بينهما تطوّع ، فإن كان بينهما تطوّع فلا جمع ، بتقريب أنّ من المعلوم أنّه ليس نظر الشارع في هذه القضيّة بيان مفهوم الجمع ، بل المنظور هو أثره الثابت له شرعا ، كما هو الحال في قوله لو قال : لا سفر في ما دون المسافة ، أو لا كثرة في ما دون الكرّ من الماء . وحينئذ نقول : إنّا نقطع بأنّ الجمع بما هو جمع لا أثر له شرعا غير مرجوحيّة الأذان معه .