نقل ، ومعاوية على آخر من الأذان الثالث لصلاة الجمعة ، لبعد المسافة بين منزله وبين المسجد ، فالخبر تعريض بهذه البدعة . وأمّا الأولى : فربما يقال : إنّه لا دلالة فيها على سقوط الأذان للعصر في صورة الجمع ، لا مطلقا ، ولا في خصوص يوم الجمعة ، وإنّما يدلّ على جواز الجمع بين الفريضتين بأذان واحد في يوم الجمعة وغيره ، فعمومات استحباب الأذان لكلّ صلاة كقوله عليه السّلام : « والأذان والإقامة في جميع الصلوات أفضل » [1] سليمة عن المخصّص . فكما لا منافاة في هذه الرواية وما يفيد مفادها مع أدلَّة استحباب النافلة ، فكذلك مع أدلَّة استحباب الأذان . ولكنّ الإنصاف أنّا إذا رأينا من الشارع في موارد مختلفة أنّه فرّق بين عنوان الجمع وبين أذان واحد وإقامتين ، سواء في موارد جعل الجمع فيها مستحبّا كيومي الجمعة والعرفة وعشاءي المزدلفة أم لا ، كقاضي الصلوات والسلس يفهم من المجموع أنّ لعنوان الجمع خصوصيّة بحيث لم يبق عموم قوله عليه السّلام : « والأذان في جميع الصلوات أفضل » على حاله بدون تخصيص . فإذا فهمنا ذلك فإمّا نقول : إنّه لا يستفاد منه أزيد من تخصيص حكم الأفضليّة في صورة الجمع بين الفريضتين مؤدّاتين أم مقضيّتين ، وأمّا أنّ هذا التخصيص راجع إلى حيث تأكَّد الفضل ، فأصل الفضل باق في حال الجمع بلا تأكَّد ، أو أنّه راجع إلى أصل الفضل والمشروعيّة فلا دليل على شيء من الأمرين ، ويكفي حينئذ في عدم المشروعيّة الأصل .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة ، الحديث 2 .