« إقامة بدون أذان » [1] . تقريب الاستدلال أنّ لفظ الإجزاء في حدّ ذاته لا ظهور له في الوجوب ، بل يختلف حسب كون النظر في استعماله إلى أداء الأمر الاستحبابي أو الوجوبي ، وهو فيهما مستعمل في معناه بدون تجوّز فيه أصلا ، ولكن في خصوص المقام يمكن استظهار الوجوب منه بملاحظة أنّ مجموع الأذان والإقامة ليسا متعلَّقين لأمر واحد بحيث يكون امتثاله متوقّفا على إيجاد كليهما ، فلو لم يأت بواحد لم يمتثله أصلا ، بل كلّ واحد له أمر مستقلّ منحاز عن الآخر ، فلا معنى للإجزاء في شيء منهما بالنسبة إلى أمر الآخر ، كما أنّ الإجزاء عن أمر نفسه بديهيّ لا يحتاج إلى البيان ، فلو كان الأمران استحبابيّين لما كان لهذا الإطلاق وجه إلَّا لدفع توهّم المخاطب ارتباطهما في الأمر الاستحبابي وبيان أنّهما متعلَّقين لأمرين مستقلَّين ، ولكنّه توهّم بعيد . وهذا بخلاف ما لو كان أمر الإقامة وجوبيّا والأذان ندبيّا ، فيصحّ دفعا لتوهّم كونهما معا مأمورا بهما بأمرين وجوبيّين الإطلاق المذكور ، يعني يجزيك في مقام الامتثال للأمر الوجوبي الإقامة الواحدة ، فإذا فعلتها فقد فرغت عمّا تعلَّق بعهدتك وجوبا ، وإنّما فات منك الفضل . والحاصل : لو كان الأذان والإقامة بجمعهما عنوان واحد وكانا مستحبّين بذاك العنوان الواحد المنطبق عليهما على وجه الارتباط وكان ذلك العنوان تشكيكيّا بحيث كان مرتبته الأعلى متقوّمة بهما معا ، والأدنى حاصلة بواحد منهما ، أو كان في البين توهّم ذلك كان لإطلاق الإجزاء في الإقامة وحدها وجه . وأمّا إذا كان حكاية الارتباط بينهما حتّى في المرتبة غير ثابتة ولا محتمل ، بل
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة .