ومن هنا نقول : لو لم يكن في أخبار المنع غير خبر الاستثناء ، بمعنى أنّه لم يكن لنا خبر دالّ بالاستقلال على منع السجود على القطن والكتّان ، بل كان منحصرا في ما دلّ عليه بصورة الاستثناء ، أو ببعض الفقرات مع دلالة سائر فقرأته على مطلب آخر فلا يمكن إدراج أخبار المسألة تحت الأخبار العلاجيّة ، لأنّ مصبّها ما إذا كان الأمر دائرا بين الأخذ بهذا في تمام المفاد ، وطرح ذاك رأسا ، وبين العكس ، وفي ما إذا كان أحد طرفي التعارض بعض فقرأت خبر وإن كان الطرف الآخر خبرا مستقلَّا لا يكون الأمر كذلك ، فهو كالعامّين من وجه ، حيث ليسا داخلين في الأخبار العلاجيّة في مادّة التعارض لأجل ما ذكر . فالوجه الذي أفادوه لإخراج العامّين من وجه قاض بإخراج ما نحن فيه أيضا ، غاية الأمر أنّه موجود هناك في كلا الطرفين ، وهاهنا في طرف واحد ، فلا بدّ من المعاملة معهما على حسب ما يقتضيه القاعدة في كلّ تعارض بين الفردين من الأمارة وهو التساقط والرجوع إلى الأصل ، فيؤخذ حينئذ بالمستثنى منه في أخبار المنع أعني : جواز السجود على الأرض ونباتها ، ويرجع بالنسبة إلى المستثنى وهو القطن والكتّان بعد تساقط الدليلين إلى مقتضى الأصل العملي وهو البراءة على ما هو التحقيق في الشكّ في القيود ، هذا . وأمّا لو كان لنا علاوة على ما ذكر في بعض فقرأت الخبر الواحد بصورة الاستثناء أو غيره خبر مستقلّ آخر دالّ بتمامه على المنع عن القطن والكتّان فهل يمكن القول حينئذ بكون هذا الخبر مع الخبر المستقلّ الآخر المجوّز للسجود عليهما من موضوع الأخبار العلاجيّة أو لا ؟ الذي رجّحه شيخنا الأستاذ دام ظلَّه العالي هو الثاني ، بملاحظة أنّ مصبّها هو الخبران اللذان كلّ واحد منهما في حدّ ذاته لولا المعارض كان أركان الحجيّة فيه