قوله عليه السّلام : « يكره » على المعنى الاصطلاحي ، إذ حمله على الحرمة ينافي الإجماع المذكور . وأمّا لو منعنا كلتا المقدّمتين فلا شهادة فيها أصلا ، غاية الأمر أنّها تصير مخصّصة لسائر الأخبار المانعة بغير بلدة مكَّة زادها الله شرفا وتعظيما ، سواء حملنا المنع فيها على التحريم أو الكراهة . وممّا يدلّ على الجواز أيضا خبر عيسى بن عبد الله القمّي « سئل الصادق عليه السّلام عن امرأة صلَّت مع الرجال وخلفها صفوف وقدّامها صفوف ؟ قال : مضت صلاتها ولم تفسد على أحد ولا تعيد » [1] . وينبغي التنبيه على أمور : الأوّل : هل البطلان على القول به مختصّ في صورة التعاقب بالمتأخّر أو يعمّه والمتقدّم ، كما في صورة التقارن ؟ قد يقال بالأوّل مستندا إلى أنّ الموجب للبطلان في صلاة كلّ من الرجل والمرأة إنّما هو الصلاة الصحيحة الصادرة من الآخر بحذاء صاحبه ، دون الأعمّ منها ومن الباطلة ، وحينئذ فهذا الملاك موجود في صلاة المتقدّم ، فإنّها صلاة صحيحة ، فتصير مانعة عن صحّة صلاة المتأخّر ، فإذا صارت صلاة المتأخّر باطلة خرجت عن قابليّة إبطالها لصلاة المتقدّم ، وتصير كصلاة المحدث . ولكن فيه من الفساد ما لا يخفى ، فإنّا لو استفدنا من الأخبار كون المحاذاة من
[1] لم نظفر بهذا الخبر بعد الفحص عنه في مظانّه من كتب الأخبار ، وإنّما نقلناه من بعض الكتب الفقهيّة لبعض الأجلَّة الأخيار ، قدّس أسرارهم ، منه عفي عنه وعن والديه .