بين اختلاف نفس أخبار المنع بأن يقال : إنّ الرافع للمنع أحد أمور : الأوّل : الحائل البالغ بمقدار القامة ، والثاني : الحائل البالغ طولا بمقدار الشبر أو الذراع ، والثالث : البعد بمقدار عشرة أذرع كما هو أيضا مفاد بعضها وإن كان في بعض آخر التعبير بأكثر من عشرة ، ولكن مقتضى الجمع أنّ اعتبار الزيادة لأجل المقدّمة العلميّة ، حيث إنّ تحصيل العلم بحصول البعد بمقدار العشرة متوقّف غالبا على الفصل بالزيادة ، لندرة العلم بذلك المقدار بلا زيادة أصلا ، والرابع : أن يتقدّم الرجل بمقدار صدره ، كما هو مفاد بعضها الآخر . ولكنّ العمدة ملاحظة مقابلتها بأخبار الجواز ، كمرسلة عليّ بن فضّال عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل والمرأة تصلَّي بحذاه ؟ قال عليه السّلام : لا بأس » [1] . وكصحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه السّلام أنّه « قال : لا بأس أن تصلَّي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلَّي ، فإنّ النبيّ صلَّى الله عليه وآله كان يصلَّي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض وكان صلَّى الله عليه وآله إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتّى يسجد » [2] . والتعليل بفعل النبيّ صلَّى الله عليه وآله وإن لم نفهم وجه مناسبته لا يمنعنا عن استفادة أصل الحكم من صدرها ، فإنّها صريحة في جواز محاذاتهما حال الصلاة ، أو نقول : إنّ وجه المناسبة أنّ وجه توهّم المنع عن المحاذاة أو تقدّم المرأة على الرجل توجّه حواسّ الرجل إلى جانب المرأة ، وهذا المعنى لا تفاوت فيه بين اشتغال المرأة بالصلاة وعدمه ، فلو كان مانعا عن صحّة الصلاة لما كان النبيّ صلَّى الله عليه وآله مصلَّيا مع اضطجاع عائشة أمامه .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 5 من أبواب مكان المصلَّي ، الحديث 5 . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 4 من أبواب مكان المصلَّي ، الحديث 4 .