وأيضا لو ألقى المكلَّف نفسه من شاهق إلى الأرض ، ولكنّه يمكنه أن يلقي نفسه إلى الأرض المباحة مع إمكان إلقائه إلى المغصوبة فهل ترى من نفسك أنّ المولى يرفع اليد من هذا الغرض الممكن التحصيل أيضا بمجرّد اختيار العبد بعصيانه تفويت غرض آخر منه ، أعني : إقدامه على هلاك نفسه . وأيضا لو ألقى المكلَّف نفسه في دار مغصوبة بحيث لا يمكنه الخروج منها إلى آخر العمر ، فهل ترى أنّ الصلاة ساقطة منه إلى آخر العمر ؟ فتحقّق من مجموع ما ذكرنا أنّ المبغوضيّة التعيينيّة إنّما يوجب صرف الأمر عن موردها ما دامت قابلة للاستيفاء للمولى بتوسّط الردع والنهي ، وأمّا بعد سقوطها عن ذلك ولو بسوء اختيار العبد فلا جهة لسقوط الجهة الأخرى المحسّنة عن التأثير في أحداث الأمر ، فهو مأمور مع كونه معاقبا على هذه الحركة الشخصيّة ، وقد اجتمعت المحبوبيّة والمبغوضيّة على نحو الترتّب . والحاصل : أنّ الإنسان ربّما يبعث الغير إلى ما هو مبغوض له تعيينا ، ألا ترى أنّك إذا أبغضت كون شخص في دارك بجميع أنحائه ولكنّه دخل فيها فإنّك تبعثه بكمال الشدّة نحو الخروج ، مع أنّه مبغوضك ، وكذلك مع شدّة بغضك لوصول يد الأجنبي إلى بدن زوجتك أو بنتك أو سائر محارمك لو أشرفت واحدة منهنّ على الغرق في الماء ، فأنت تبعث الأجنبي إلى أخذ بعض أعضائها بيده وإخراجها من الماء ، إلى غير ذلك ممّا ليس بعزيز . ولعلّ هذه المسألة كسابقتها ، أعني : تقييد مورد الأمر بغير مورد النهي في صورة إمكان استيفاء المولى كليهما من العبد من البديهيّات ، فليس في تلك مجال الموازنة ، كما أنّه ليس في هذه مجال التقييد للأمر والإمساك عنه وعدم