معتقدا بجواز الاجتماع ، أو مقلَّدا لمن اعتقده ، وبعد الفراغ تبدّل رأيه أو قلَّد من يقول بالامتناع فهل يحكم بصحّة الصلاة الواقعة منه في تلك الحال أو لا ؟ الظاهر الثاني ، إذ الفرض أنّه عاص ومستوجب للعقوبة بالتصرّف في المكان المغصوب وقد اعتقد بعدم إمكان اجتماع القرب والبعد في الحركة الواحدة الشخصيّة ، فلا محيص عن البطلان وإن [ كان ] هو متخيّلا حال العمل خلافه . ولو صلَّى في المكان المباح باعتقاد المغصوبيّة لكن معتقدا للجواز أو مقلَّدا لمن يعتقده ، وبعد الصلاة انكشف له كون المكان مباحا وتبدّل رأيه ، أو قلَّد من يقول بالامتناع ، فهل الصلاة في تلك الحالة محكومة بالصحّة أم لا ؟ الظاهر ابتناء المسألة على الوجهين في مسألة التجرّي . فإن قلنا بأنّ القبيح ممحّض في الفعل القلبي وهو العزم والقصد السيّئ من دون سرايته منه إلى الخارج ، غاية الأمر أنّ الأخبار وردت بالعفو عن النيّة الخالية عن ترتّب الأثر الخارجي رأسا ، وبقي الباقي من دون أن يكون لهذا الأثر الخارجي على فرض إباحته ذاتا مدخليّة في القبح ، فالظاهر الحكم بالصحّة ، فإنّ القبح الفاعلي حصل بالقصد وهو أمر باطني ، فلا ينافي حصول الحسن الفاعلي من جهة العمل الخارجي ، والمفروض خلوّه عن الجهة المبعّدة ذاتا . وإن قلنا بسراية المقبّحية إلى الخارج بمعنى أنّ العزم الخالي غير مقبّح ، بل الفعل الخارجي منشأ لصيرورة الفاعل قبيح الوجه لدى المولى بواسطة تلك النيّة السيّئة فالظاهر الحكم بالبطلان ، لأنّه حينئذ يشترك العمل مع العصيان في أنّ الفاعل يصير بسببه قبيحا ، وكما أنّ العبادة محتاجة إلى الحسن الفعلي محتاجة إلى الحسن الفاعلي أيضا ، فكيف يجتمع الجهتان في الحركة الواحدة الشخصيّة ، فتدبّر .