صار معلوما في أحد الجانبين يحكم العقل بلزوم مراعاته ، ولا ينفع احتمال الأهميّة في الجانب الآخر . وحينئذ فنقول : إذا قال الشارع : لا تغصب ، ولم يجعل له على تقدير الإلجاء بفعله بدلا ، وقال أيضا : لا تصلّ في النجس ، لكن قال : عند الإلجاء يكون تكليفك الصلاة في النجس وتقوم هي مقام الصلاة في الطاهر ، ودار أمر المكلَّف بين أن يرتكب الغصب ويدرك الصلاة مع طهارة الثوب وبين أن يجتنب الغصب وترك الصلاة مع طهارة الثوب ولكن يأتي بها في الثوب النجس ، فالعقل يكشف كشفا قطعيّا بأنّ المولى جعل في حقّه البدل ، أعني أنّه يمنعه من ارتكاب الغصب حتّى يصير ملجأ إلى الصلاة في النجس ، فيصير البدل في حقّه مجعولا بدليله بعد هذا المنع . ومن هنا تبيّن الحال في مسألة انحصار ماء الوضوء في المغصوب ، فإنّ الأمر دائر بين ترك الصلاة مع الطهارة المائيّة ، وبين إتيان الغصب ، ولمّا علم من الخارج أهمّية الأوّل عند الشارع استكشفنا كشفا قطعيّا بأنّ الشارع يمنعه من ارتكابه ، وبعد هذا المنع يندرج المكلَّف في موضوع فاقد الماء . وينقدح ممّا ذكرنا أيضا حال فرع آخر ، وهو ما إذا لم يضطرّ إلى اللبس ، وتمكَّن من كونه عاريا ، ولكنّه اضطرّ إليه من جهة الصلاة وكان اللباس منحصرا في ما يمنع عن الصلاة فيه ، فإنّه إن كان المنع في هذا اللباس تكليفيّا تعيّن الصلاة عاريا بالبيان المتقدّم ، فإنّ مبغوضيّة الغصب لا بدل لها ، ومبغوضيّة ترك الصلاة متستّرا يكون لها بدل ، فيستكشف العقل كشفا قطعيّا عن أنّ المولى جعل في حقّ هذا المكلَّف الذي دار أمره بين هذين المحذورين بدلا ، بمعنى أنّه منعه عن ارتكاب الغصب حتّى يصير ملجأ إلى الصلاة بلا لباس وعاريا ، فيكون داخلا في موضوع من لم يصب