والاضطرار ، لإمكان أن يقال : إنّه تخصّص لا تخصيص . ألا ترى أنّه لو أكرهه قاهر على شرب الخمر وأوعده على الترك بكلمة فحش وأكرهه قاهر آخر أقوى على ترك الشرب وأوعده على الفعل بعذاب النار فهو عرفا غير مكره على الفعل ، بل مضطرّ ومكره على الترك . ثمّ في قبال التوهّم المذكور توهّم آخر في خصوص باب الصلاة بالنسبة إلى ما عدا مطلق الطهور من شرائطها وموانعها ، فيتوهّم أنّ المكلَّف متنوّع إلى المختار والملجإ ، فالشرطيّة والمانعيّة الواقعيّتان مخصوصتان بالأوّل دون الثاني ، فمتى دار أمر العبد بين التصرّف الغصبي وبين فقدان صلاته لواحد من شروطها أو وجدانها لواحد من موانعها فهذا من صغريات القاعدة التي أشرنا إليها في أوّل الكلام من تعيّن دفع اضطراره باختيار الصلاة الفاقدة للشرط أو المقرونة بالمانع ، لإطلاق المادّة في جانب الغصب وتقييدها بعدم الإلجاء في جانب الصلاة التامّة . ولكنّ الحقّ خلاف هذا التوهّم أيضا ، وذلك لأنّ التكليف وإن كان منوّعا حسب الحالتين ، إلَّا أنّه ليس من قبيل التنوّع إلى المسافر والحاضر بحيث جاز للمكلَّف تحصيل أحد العنوانين شاء في حقّ نفسه ، كما هو الحال في المسافر والحاضر ، بل ليس له هنا تحصيل الاضطرار اختيارا ، كأن يذهب إلى مكان يضطرّ بدخوله إلى الصلاة الناقصة . فيعلم من هذا أنّ الصلاة الناقصة ليست موازية مع التامّة في المصلحة ، بل أنقص ، وما به التفاوت أيضا يكون بحدّ لزوم الاستيفاء . فانقدح أنّ المادّة من كلا الطرفين أعني : من طرف الصلاة التامّة ومن قبل المبغوض النفسي الآخر كالغصب ونحوه مطلقة لا مجال للتقييد بالإلجاء والاضطرار في شيء منهما .