بحيث يرجّح على كلتا جهتي ذلك الطرف الآخر كان المتعيّن دفع الاضطرار بالطرف الآخر ، هذا مع تعدّد جهة المنع في أحدهما ووحدته في الآخر ، كما هو الصورة الثالثة . ولو كانت في كلّ منهما جهة واحدة كما هو الصورة الأولى بأقسامه الثلاثة المتقدّمة فالحكم دائر مدار إحراز الأهمّية ، فإن أحرزت فهو ، وإلَّا يتخيّر ، هذا ما ربما يقال في حكم هاتين الصورتين . والصواب أن يقال : لا أثر للوحدة والتعدّد في نظر العقل ، إذ ربّ واحد لا يقاومه عشرة ، وكذا لا أثر للاختلاف من حيث الوضع والتكليف ، فإنّ الوضع أيضا ينتهي إلى المطلوب النفسي ، أعني المركَّب الصلاتي المشتمل على جميع ما يعتبر فيه جزءا وقيدا ، وجوديّا وعدميّا ، فالأمر يدور بين فوت هذا المطلوب النفسي الذي يكون مبغوضا نفسيّا وبين مبغوض نفسي آخر وهو التصرّف الغصبي مثلا . وإن شئت توضيح الحال على وجه الكلَّية في جميع صور الدوران بين المطلوبين النفسيين للمولى فاعلم أنّه لا إشكال في ما إذا كان المطلوب في أحدهما بحسب المادّة مقيّدة بغير حال الإلجاء والاضطرار بحيث كان الدليل منوّعا للمكلَّف إلى المختار والملجإ ، كالدليل المنوّع إلى المسافر والحاضر وكان الآخر مطلقا بحسبها ، فإنّه حينئذ وإن كان الإلجاء ابتداء لم يتحقّق إلَّا بالنسبة إلى الجامع أعني أحد الأمرين دون شخص أحدهما بحيث يتمكَّن من دفعه بأيّهما شاء ، ولكنّه بعد ملاحظة النهي المطلق المولويّ الموجود في هذه الحالة في أحدهما حسب إطلاق المادّة يصير مقطوع اليد عن هذا الطرف ، وهذا مع ضميمة اضطراره إلى ارتكاب أحدهما يحقّق إلجائه إلى ذاك الطرف الآخر ، وقد فرضنا أنّه في موضوع الملجأ ليس في ذاك الطرف مبغوضيّة أصلا ، فينحصر بحكم العقل بعد هذه الملاحظة دفع