استعمال اللفظة الواحدة في المعنيين لو أريد خصوص كلّ من الحقيقي والمجازي منها ، فلا محيص عن استعمالها في الجامع ، لكونه أقرب إلى الحقيقي بعد تعذّره . وللثالث أنّ اللفظة لم يستعمل في معنيين بالنسبة إلى موردين ، بل استعملت في الجامع ، وهو مفهوم المصاحبة والمعيّة ، ولكن هذا المفهوم بإضافته إلى كلّ مورد ينصرف إلى معنى خاصّ ، نظيره أن يقال : اضرب هذا العقرب وهذا الثور ، فإنّ المنصرف من ضرب العقرب قتله ، ومن ضرب الثور إيلامه . وهكذا في المقام إذا أضيف المصاحبة إلى الجلد ينصرف إلى اللبس أو ما يكون شبيها به ، وإذا أضيفت إلى البول والروث ينصرف إلى المصاحبة المطلقة ولو مثل القطرة . هذا ما يقال من الوجوه في هذا المقام . لكن قال شيخنا الأستاذ العلَّامة دام ظلَّه بأنّها مبنيّة على كون لبس المصلَّي من الظرفيّة الحقيقيّة للصلاة ، وكان استعمال « في » في قولنا : صلَّيت في ثوب من الاستعمال في المعنى الحقيقي ، ولمانع أن يمنع ذلك ويقول بأنّه فرق بين ظرفيّة اللباس للشخص المصلَّي وبين ظرفيّته لفعل الصلاة ، والمتحقّق في المقام إنّما هو الأوّل دون الثاني ، فإنّ معظم أجزائها القراءة والأذكار ، وهي غير مظروفة للَّباس ، ومفاد العبارة إنّما هو الظرفيّة للفعل لا الفاعل ، كما هو الظاهر من أمثالها كقولك : ضربت زيدا في الدار ، حيث ليس معناه كون الضارب في الدار ولو كان ظرف الضرب خارجها . وعلى هذا فلا محيص عن التجاوز عن المعنى الحقيقي هنا حتّى في اللباس وإرادة مطلق المصاحبة ، وحينئذ فلا فرق بين الملبوسيّة والمحموليّة ، فمساق قوله عليه السّلام : لا تصلّ في جلد غير المأكول مساق قول القائل : صلَّيت في السيف أو في السكَّين ، في أنّ اللازم في كليهما إخراج الكلمة عمّا وضعت له واستعمالها في مطلق المصاحبة .