فإنّ العلم معناه الطريق ، وهذا بالفرض فرد حقيقي للطريق ، فالمناسب أن يقال : لا سبيل لك إلى الشكّ مع الأمر الفلاني ، بل لا بدّ من إلقاء احتمال كذبه ، والتعبير في هذه الأخبار كما يعلم بمراجعتها إنّما هو بعدم لزوم الفحص ومراجعة الطريق وأنّ الخوارج ضيّقوا على أنفسهم والدين أوسع من ذلك كما في بعضها ، وبأنّه ما دام الشكّ وعدم العلم بكونه ميتة لا بأس بالاستعمال كما في بعضها الآخر ، وهذا كما ترى يناسب جعل الأصل . وعلى هذا نقول : وإن كانت النسبة بين هذه وبين الخبرين عموما وخصوصا مطلقا ، لكنّ التخصيص فرع إحراز قوّة الظهور في جانب هيئة الخاصّ على الظهور في مادّة العامّ ، ونحن إذا رأينا من الشارع أنّه راعى جانب الصلاة في الثوب الغير الجلد المأخوذ من الكافر بأن لا يصلَّى فيه إلَّا بعد غسله ، وفهمنا منه أنّه حكم استحبابي ينفتح لنا باب هذا الاحتمال في خبري المنع في الجلود المأخوذة من الكافر وأنّه وإن كان لا بأس تحريمي في الصلاة لأنّ المشكوك لا بأس به ، إلَّا أنّ الفضل في الاجتناب عنه في صورة أخذه من يد الكافر ، إلَّا إذا كان في أرض الإسلام ، بحيث كان ذلك أمارة على أنّه إنّما وقع في يده من يد المسلم ، فيرتفع هذا المنع . وإذا وازنّا هذا الحمل في هيئة الخبرين اللذين هما خاصّان في مقامنا مع حمل الأخبار الأخر على بيان أماريّة السوق واليد والأرض مع عدم ذكر الإسلام في أخبار السوق ومع جعل المعيار فيها هو العلم والشكّ ، كان الحمل الأوّل عند الإنصاف أقرب من الثاني . وعلى هذا فلا بدّ من الأخذ بمفاد تلك الأخبار والقول بأنّ الشارع جعل الأصل في باب التذكية وعدمها هو البناء على التذكية حتّى يعلم العدم ، سواء كان المورد من قبيل المثال الذي فرضنا الذي قلنا بعدم جريان أصالة عدم التذكية فيه