الإسلام ، وما بقي منها وإن كان مطلقا ، ولكنّها أيضا قابلة لهذا الحمل بواسطة شيوع وجود تلك الأمارات ، كما أنّ خبري المنع عن المأخوذ عن الكافر ظاهران في صورة الانفكاك عن الأمارتين الأخريين ، وخصوصا مع أنّ النسبة عموم وخصوص مطلقان ، ومقتضى القاعدة هو تقديم الخاصّ وتخصيص العامّ به . وعلى هذا فلا بدّ من القول بما أفتى به المشهور من الحكم بعدم التذكية في غير مورد وجود الأمارات ، سواء كان من قبيل ما ذكرت من المثال أو من غيره ، وذلك لإطلاق خبري المنع في المأخوذ من الكافر وشموله لكلا الفرضين ، وإطلاق الخاصّ يؤخذ به ويرفع به اليد عن إطلاق العامّ أو عمومه . قلت : المانع من هذا الجمع أمران : الأوّل : أنّه لم يذكر في خبر من تلك الأخبار المشتملة على لفظة السوق مع كثرتها أنّه سوق المسلمين ، بل الظاهر أنّ ذكره من باب أنّه محلّ الابتلاء غالبا بالبيع والشراء ، لا أنّ للسائل والمجيب نظرا وعناية إليه . وعلى هذا فمساق هذه الأخبار أيضا مساق ما لم يذكر فيه هذه اللفظة مع الخلوّ عن القيدين الآخرين ، بحيث يصلح عدّها من جملة المطلقات الدالَّة على الجواز ، ولعلّ الداعي للمشهور على ما ذهبوا إليه من حملها على أماريّة السوق استحكام أصالة عدم التذكية وقوّتها في أنظارهم - رضوان الله عليهم - بحيث لم يصلح عندهم تخصيص فيها ورفع اليد عن مفادها إلَّا بقيام الأمارة على التذكية ، وإلَّا فبدون أمارة عليها لا يرفع اليد عنها ، فهذا ألجأهم إلى ما ذهبوا إليه من حمل هذه الأخبار على الأماريّة . والمانع الثاني : أنّ لسان هذه الأخبار آب عن بيان الأماريّة للسوق ، فإنّ لسان جعل الأمارة لا يناسبه المغيّائيّة بالعلم بأن يقال : اعمل به حتّى يعلم الخلاف ،