الآمر سنخها سنخ إرادة الفاعل ، فكما أنّها أبدا إنّما يتعلَّق بتحريك العضلات سمت ما هو فعل صادر عنها ، لا إلى ما هو أجنبيّ عن مقولة الفعل بها ، فكذلك الإرادة الآمريّة ، غاية الأمر أنّ لها هذا التأثير في عضلات العبد ، والأولى له ذلك في عضلات نفس المريد . وأمّا كيفيّة الاقتضاء والتأثير فيهما واحد ، أعني : تحريك الفاعل سمت الفعل ، ولو صحّ أن يقال : أطلب منك هذا البياض فهو من باب التوسّع في العبارة ، وإلَّا ففي الحقيقة واللبّ لم يتعلَّق الطلب إلَّا بالتبييض . وهكذا في المقام أيضا لا يتعلَّق الأمر إلَّا بإيجاد الهيئات وهو عين الأفعال الصادرة وما هو المعنى المصدري ، فيعود المحذور . وهكذا الكلام في باب الطهارة الحدثيّة ، فإنّها أيضا ليست بنفسها مأمورا بها ، بل المأمور به إيجادها وتحصيلها الذي هو نفس الغسلتين والمسحتين ، والفرق بين تعلَّق الأمر بنفس الغسلتين والمسحتين وبين تعلَّقه بإيجاد الطهارة أنّه على الأوّل لو شكّ في جزء أو قيد كان المرجع هو البراءة ، وعلى الثاني كان المرجع هو الاشتغال ، لأنّ إيجاد الطهارة أمر مبيّن معلوم مفهوما ، وقد علم اشتغال الذمّة به ، والشكّ في تحقّقه ووجوده خارجا ، وهو مورد الاشتغال ، وأمّا على الأوّل فالشكّ في المفهوم الذي أمر به وسعته وضيقه ، وأنّه المقيّد أو المطلق أو التامّ ، أو الناقص . وحاصل المقام أنّ النتيجة المتولَّدة من الفعل الاختياري وإن كان مقدورا بمعنى أنّ لك الولاية على وجودها وعدمها ، إلَّا أنّ مجرّد ذلك لا يكفي في المتعلَّقيّة للإرادة ، بل إرادتك إنّما تتعلَّق بما هو فعل لك بالمعنى المصدري ، فكذا الأمر الذي هو أيضا متّحد السنخ مع إرادتك ، غاية الأمر أنّه إرادة مولاك الفعل من جوارحك . والوجه الثاني : سلَّمنا صحّة تعلَّق الأمر وإن لم يصحّ تعلَّق إرادة الفاعل ،