يحزن لأجل تفريق هيئتها وكونها على الأرض وتبدّلها إلى مكان آخر ، لا نجد من أنفسنا انقداح الثاني في نفس عاقل وإن كان لو فرض التصريح من المالك بعدم الرضى فلا محالة يتعدّد الحرام ، ولا محيص عن بطلان الصلاة حينئذ . فإن قلت : سلَّمنا أنّ هذه الكيفيّات ليست بشؤون للَّبس ، ولكن نقول : القيام في اللباس والركوع والسجود ليس إلَّا كالقيام والركوع والسجود في الفضاء المغصوب ، فكما أنّ الثاني حرام بلا شكّ فكذلك الأوّل ، فإنّا نضع مكان الفضاء المملوك للغير ، الثوب المحفوف بالبدن ، كاحتفاف الفضاء به المملوك للغير ، فكما أنّ الحركة القياميّة والركوعيّة والسجوديّة في الفضاء ممنوع وغصب محرّم ، فكذلك في الثوب المذكور بلا فرق في البين أصلا . قلت : الفرق أنّ كون المكلَّف في الفضاء المملوك للغير بجميع أنحائه وبطبيعته السارية التي منها القيام فيه ، ومنها الركوع والسجود فيه محرّم ، فيقال له : لم تقوم في هذا المكان ، أو لم تركع فيه ، أو لم تضع جبهتك على هذه الأرض ، وبالجملة ، يقع كلّ فرد من أفراد الكون بخصوصيّته الخاصّة تحت النهي المالكي ، فكذلك يقع تحت النهي الشرعي . وأمّا اللابس للباس الغير الكائن في المكان المباح فلا يقال له : لم تقوم أو تقعد ؟ أو لم تركع أو تسجد ؟ بل يقال : لم تلبس هذا اللباس وتجعله على بدنك ؟ فليس الاعتراض متوجّها إلى قيامه وقعوده وركوعه وسجوده وسائر أكوانه ، بل متوجّه إلى اللبس الذي هو مغاير لها مفهوما ووجودا وإن قارنها زمانا . والحاصل : لا يعدّ من أفراد التصرّف في اللباس عرفا أنحاء أكوان اللابس فيه من القيام والقعود وغيرهما وإن كانت معدودة كذلك في المكان . والفارق العرف ، فإذن لا يتوجّه إليها النهي المالكي ، فكذلك الشرعي .