وبعبارة أخرى : لقلَّتها وسقوطها عن النظر ، وهذا موجود في الحبّة من الحنطة ، فلا بدّ أن نقول بعدم حرمة أكلها من مال الغير بدون الإذن منه . قلت : المناط حصول القطع للمكلَّف بالرضى الباطني للمالك ، وأنّى لنا بهذا القطع في حبّة الحنطة ما لم يأذن هو في الأكل . وأمّا في المقام فالمدّعى حصول القطع لكلّ أحد بأنّ واحدا من العقلاء ليس إذا عرض عليه هذا المعنى انقدح له مبغوضان ، أحدهما اللبس ، والآخر التحريك المذكور ، وليس التحريك من شؤون وأطوار اللبس حتّى يقال : إنّه لمّا كان اللبس فردا للغصب والغصب بشؤونه ومراتبه حرام بحيث يسري الحرمة إلى جميع خصوصيّاته وأطواره ، فيكون اللبس أيضا بما له من الشؤون ساريا فيه الحرمة ، ومن شؤونه هذه التحريكات ، إذ قد عرفت أنّ التحريك للثوب من مكان القيام إلى مكان الركوع وهكذا من كلّ نقطة إلى غيرها ، ومن كلّ هيئة إلى خلافها ليس فردا للَّبس بحيث صحّ إطلاق مفهوم اللبس عليه . فلا يقال : هذا التحريك من مكان القيام إلى مكان الركوع لبس للثوب ، فلم يبق إلَّا أنّها منفكَّة عنه في الوجود وإن كانا متقارنين في الزمان ، وإذا لوحظت هذه الكيفيّات مستقلَّة فلا يوجد عاقل تجدّد له همّ وغصّة من قبلها فوق الهمّ والغصّة الحاصلين من قبل اللبس . ألا ترى أنّا لو رأينا شخصين كلّ منهما غصب عدّة دراهم موضوعة على الأرض بهيئة خاصّة ، ولكن أحدهما لم يزد على أن حال بين المالك ودراهمه من دون نقلها عن محلَّها وتغييرها عن هيئتها ، والآخر زاد على ذلك برفعها من الأرض إلى كيسه وتفريقها عن الهيئة الأوّليّة ، فهل يكون همّ قلب المالك الثاني بسبب هذه الزيادة زائدا على المالك الأوّل ، فتارة يهتمّ لأجل محروميّته عن دراهمه ، وأخرى