تنبيهان : الأوّل : بعد البناء على الأخذ بالمرسلة فهل المراد بالاستدبار ما ذا ؟ يمكن أن يقال بأنّه عبارة عن الانحراف المتعدّي عن نقطتي المشرق والمغرب وإن لم يصل إلى النقطة المقابلة للقبلة . وجهه ما ذكر من الشرطيّتين في بعض أخبار الانحراف بين المشرق والمغرب من أنّه إن كان بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه ، وإن كان على دبر القبلة فليقطع الصلاة ، بناء على أنّ الظاهر منه عرفا كون الشرطيّة الثانية مفهوما للشرطيّة الأولى ، فالمقصود من قوله : وإن كان إلى دبر القبلة أنّه إن لم يكن فيما بين المشرق والمغرب فبقضيّة وحدة السياق نقول في المرسلة أيضا : إنّ المراد هذا المعنى ، لكن خصوص المشرق والمغرب خرج بالإجماع وبقي الباقي . هذا على تقدير تسليم هذا الظهور ، وإن أنكرناه فلا يخفى أنّ حال الاستدبار عرفا على العكس من الاستقبال ، فكلّ ما كان استقبالا عند العرف على ما مرّ تفصيله فعكسه استدبار ، فيكون هذا المقدار خارجا عن تحت الإطلاقات الدالَّة على عدم الإعادة خارج الوقت ، ويبقى غيره وهو نفس المشرق والمغرب والانحراف عنهما إلى جهة الاستدبار الغير البالغ إيّاه تحت تلك الإطلاقات . الثاني : الظاهر بحسب إطلاق أخبار مسألة الانحراف فيما بين المشرق والمغرب عدم الفرق بين المجتهد والناسي للقبلة ، إذ ليس فيها لفظ الاجتهاد إلَّا في بعض أخبار الأعمى المذكور فيه إمامة الأعمى لغيره ، ثمّ تبيّن الانحراف ، فحكم بإعادته دونهم معلَّلا بأنّهم قد تحرّوا ، الذي لا بدّ بملاحظة الجمع من حمله على الانحراف بما بين المشرق والمغرب .