والمقصود من عدم تحرّي الأعمى دخوله في الصلاة بغير مبالاة وبلا تجسّس عن أمر القبلة أصلا ، وبين تحرّي المأمومين كونهم معتمدين على فحص الإمام ، والحاصل أنّ المراد منه ما يقابل عدم المبالاة . وأمّا الأخبار الدالَّة على حكم الانحراف الزائد عمّا بين المشرق والمغرب ففي بعضها التصريح بالاجتهاد وهو قوله عليه السّلام في رواية سليمان بن خالد : وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده ، لكن صحيحة عبد الرحمن ومكاتبة محمّد بن الحصين مطلقتان ليس فيهما قيد الاجتهاد ، فيمكن استفادة حكم الناسي منهما . اللَّهمّ إلَّا أن يستفاد العلَّية من رواية سليمان بن خالد مع وحدة الحكم في جميع الأخبار ، فإنّه إذا علَّل حكم واحد في خبر واحد بعلَّة فالأخبار الأخر المطلقة تصير مقيّدة بمورد تلك العلَّة ، نعم يمكن حكم آخر معلَّلا بعلَّة أخرى ، لكنّ الظاهر وحدة الحكم في جميع الأخبار . لكنّ الإنصاف عدم استظهار العلَّية من الرواية بملاحظة أنّ الاجتهاد لا موضوعيّة له ، بل المقصود التوصّل به إلى الظنّ أو القطع ، فإن كان الاجتهاد موضوعيّا وكان دائما موصلا إلى الظنّ أمكن أن يقال باستفادة العلَّية وأنّ الحكم الظاهري هاهنا أفاد الإجزاء ، فأين هو من النسيان الذي هو صرف المعذوريّة . ولكنّه بعد القطع بأنّه قد ينفكّ الاجتهاد عن الظنّ إلى القطع وهو صرف المعذوريّة ، وقد لا يحصل شيء من الظنّ والقطع ، وكذلك قد ينفكّ الظنّ عن الاجتهاد ، ومع ذلك يكون حجّة نعلم بعدم الموضوعيّة له ، وأنّ المراد كونه معذورا خارجا عن حدّ عدم المبالاة ، وهذا المعنى متحقّق في مورد النسيان . ثمّ هذا كلَّه في الناسي ، وأمّا الجاهل بالحكم بكلا قسميه فالظاهر عدم اندراجه في الأخبار .