هذه الأخبار وإبقائها على إطلاقها بالنسبة إلى القبلة فيقال بوجوب الإعادة في الوقت متى صلَّى إلى غير القبلة بأيّ نحو كان وإن كان فيما بين المشرق والمغرب . ولا يتمّ الاستدلال بتلك الروايات على ما ذكروه ، ولا بدّ لترجيح الأوّل من دليل . وساق الكلام إلى أن قال : وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لامرية فيه ، وبالجملة ، فإنّي لا أعرف لهم دليلا على ما ذكروه زيادة على الإجماع المدّعى في تلك المسألة . نعم قوله في صحيحة معاوية : « ثمّ ينظر بعد ما فرغ » [1] ربّما أشعر بكون ظهور الانحراف في الوقت بالحمل على البعديّة القريبة ، كما هو المتبادر ، هذا أقصى ما يمكن أن يقال في المقام ، انتهى كلامه رفع في الخلد أعلامه . وأنت خبير بأنّ النسبة وإن كانت عموما من وجه ، إلَّا أنّ أخبار عدم الإعادة مع الانحراف إلى ما بين المشرق والمغرب أظهر بالنسبة إلى نفي الإعادة في الوقت من الأخبار الأخر المفصّلة من وجوه : الأوّل : ما أشار هو قدّس سرّه إليه في آخر كلامه بقوله : نعم قوله في صحيحة معاوية إلخ ، فإنّ تقييد هذا الكلام بما بعد الوقت بعيد في الغاية . الثاني : أنّ لسان الأخبار الأول أنّ الصلاة صحيحة ماضية ، وهو غير العفو عن القضاء مع وقوع الصلاة فاسدة ، فلو كان المراد نفي القضاء خارج الوقت مع لزوم الإعادة في الوقت لما ناسب التعبير بمضيّ الصلاة . الثالث : إنّ لسانها أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة ، وهذا حاكم على تلك الأخبار وشارح للمراد بها ، وأنّ غير القبلة فيها عبارة عن نفس المشرق والمغرب أو ما جاوزهما إلى جهة الاستدبار .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 10 من أبواب القبلة ، الحديث 1 .