وبالجملة ، لا أرى وجها لما ذكره قدّس سرّه ، بل لا بدّ من حمل إطلاق كلام القدماء بوجوب الإعادة في الوقت أيضا على غير ما بين المشرق والمغرب ، هذا كلَّه في صورة الانحراف إلى ما بين المشرق والمغرب . أمّا مع تبيّن الانحراف بأزيد من ذلك سواء كان على نفس إحدى النقطتين أو متجاوزا عنهما إلى الاستدبار فمقتضى إطلاق الأخبار المتقدّم إليها الإشارة هو التفصيل بين الانكشاف في الوقت فيجب الإعادة ، وخارجه فلا يجب القضاء ، وهذا بالنسبة إلى نفس نقطتي المشرق والمغرب ممّا لا إشكال فيه ، بل الإجماع عليه دائر في ألسنة القوم . إنّما الإشكال بالنسبة إلى الفرد الآخر ، أعني : ما إذا تجاوز الانحراف عن النقطتين ، سواء وصل إلى حدّ الاستدبار أم لم يصل ، فمقتضى الإطلاق المذكور جريان التفصيل فيه أيضا وهو المحكيّ عن جماعة . ولكنّ المشهور على ما نقل قد أفتوا بوجوب الإعادة والقضاء في هذه الصورة ، وليس في البين ما يمكن أن يكون مستندا لهم سوى مرسلة النهاية قال : قد رويت رواية أنّ « من صلَّى إلى استدبار القبلة ثمّ علم بعد خروج الوقت وجب عليه إعادة الصلاة » [1] ثمّ قال : وهذا هو الأحوط وعليه العمل ، انتهى . ولا يخفى صراحته ، ولكنّ العمدة ضعفه بالإرسال ، فإن علم أنّ المشهور استندوا إليه فهو ، وإلَّا فلا يصلح رفع اليد عن إطلاق الأدلَّة المتقدّمة بسببه . وسوى خبر معمّر بن يحيى قال : « سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل صلَّى على غير القبلة ، ثمّ تبيّنت القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى ؟ قال عليه السّلام : يعيدها قبل أن يصلَّي هذه
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 11 من أبواب القبلة ، الحديث 10 .