وهو فيما إذا تردّد الأمر بين الأقلّ والأكثر في الواجبات أصالة البراءة وقبح العقاب بلا بيان ، وأمّا في المندوبات فيشكل ذلك بعدم عقاب حتّى يحكم برفعه بقاعدة قبح العقاب بلا بيان . إلَّا أن يقال - كما حكاه شيخنا الأستاذ دام بقاه عن بعض السلف من أساتيده قدّست أسرارهم - بأنّه وإن لم يكن عقاب ، لكن لا يخلو أيضا عن عتاب ، وهو أيضا قبيح بدون البيان ، أو يقال : نتمسّك بأصالة البراءة الشرعيّة بناء على شمول حديث الرفع للوضعيّات ، فيحكم بتوسّطه بنفي شرطيّة القبلة ، هذا . ولكنّ المشهور أعرضوا عن الفتوى ، حتّى حكي عن بعض أنّهم رموا القائل بعدم الاشتراط مع شذوذه وعدم معروفيّته بقوس واحد . مضافا إلى أنّ إتيان النافلة بخلاف القبلة في حال الاستقرار يعدّ من المنكرات عند أهل الإسلام ، فالاحتياط يقتضي الاجتناب . ثمّ هل المراد بالنفل والفرض الموضوعين للاشتراط والعدم في هذا المقام ما ذا ؟ فيه خمسة احتمالات : الأوّل : أن يكون المراد هو الذاتي منهما وإن تغيّر النفل عن النفليّة إلى الفرضيّة بالعرض كالنذر ، والفرض عن الفرضيّة إلى النفليّة كذلك كالصلاة المعادة . الثاني : أن يكون هو الفعلي منهما ، سواء كان نفلا بالذات أم فرضا كذلك . الثالث : أن يكون المراد من النفل ما كان كذلك ذاتا وفعلا ، ومن الفرض ما كان كذلك ذاتا وفعلا ، فيكون ما اختلف فيه الجهتان خارجا عن مدلول أدلَّة الطرفين ، ولا بدّ أن يعمل فيه على القواعد . الرابع : أن يكون المراد بالنفل ما اتّصف بصفة النفليّة في الجملة ، سواء كان