العلم بالجهة الحقيقيّة ؟ والحاصل أنّه ليس مشتبها في القبلة بمفهومها العامّ حتّى يكون الجواب عامّا ولا في الاستقبال بمفهومه العامّ حتّى يكون كذلك ، بل سؤاله ممحّض في الموضوع بعد تينك المقدّمتين ، ولا محالة يكون الجواب مقصورا حينئذ على غير العالم بالموضوع ، وإلَّا فالعالم بالموضوع لا عذر له في مخالفة استقبال الكعبة المشرّفة . وهذا بخلاف الحال في إطلاقه بالنسبة إلى العالم تفصيلا بالانحراف مع الجهل تفصيلا بنقطة الاستقبال الحقيقي ، فإنّه غير قابل للإنكار ، فإنّه عليه السّلام عيّن هذا الدستور للجاهل المذكور ، فله الأخذ بإطلاق الكلام حيثما ساقه ، وقد عرفت أنّ الكلام مفيد بإطلاقه جواز الانحراف ولو كان معلوما تفصيليّا مع الجهل التفصيلي بنقطة الاستقبال . هذا ولكنّ الإنصاف يقتضي خلاف ما قوّيناه من استفادة جواز الانحراف عن النقاط المحتملة كونها أقصر الخطوط من الخبر المزبور ، لأنّك عرفت أنّها مبنيّة على حمل الخبر على بلد محمّد بن مسلم وهو كوفي ، بعد العلم بمعرفته انحراف قبلة بلده عن نقطة الجنوب ، والعلم بتساوي الناس والبلدان في الحكم ، لكن للمنع عن المبنى المذكور مجال واسع ، إذ لا شاهد عليه ، إذ السائل إنّما سأل عن القبلة حين كونه مسافرا ، فلعلَّه كان سؤاله راجعا إلى سفر مخصوص وكان الجواب راجعا إلى تعيين قبلة مكان مسافرته ، لا أنّه سأل عن قبلة بلده . وحينئذ فغاية ما يستفاد من الخبر التوسعة في القبلة بمقدار الشبر ، لأنّه لازم تعيينها بوضع الجدي على القفا كما يعلم بيانه من السابق ، وهو مطابق لمقدار التوسعة في الجهة العرفيّة ، فلا يستفاد الانحراف عن الجهة العرفيّة بناء على هذا ، فتدبّر .