مضافا إلى معارضته بأخبار تحويل الوجه نحو القبلة لو علم في أثناء الصلاة أنّه على غير القبلة في ما بين المشرق والمغرب . وربما يؤيّد أيضا بما في بعض الأخبار الأخر من تعيين القبلة للسائل بوضع الجدي على يمينه ، وفي طريق مكَّة بين كتفيه ، ولمحمّد بن مسلم بوضعه على قفاه . ولا يخفى عدم انطباقه على ما ذكرنا ، إذ ما ذكرنا يضرّ به أدنى انحراف كما نشاهد بالنسبة إلى الأنجم ، حيث ينحرف الإنسان عنها بكثير بمحض انحراف يسير ، وفي هذا الخبر لم يعيّن وضع الجدي في أيّ من نقاط المنكب ولا في أيّ من نقاط القفا وبين الكتفين ، فيكون دالَّا على التوسعة بأزيد ممّا ذكرنا ، ولكنّه لا ينطبق أيضا على الجهة العرفيّة ، لأوسعيّتها من هذا المقدار كما لا يخفى . فالذي ينبغي أن يقال : إنّا لو كنّا ومقتضى الأدلَّة الأوّلية الجاعلة للكعبة قبلة لحكمنا بما مرّ من المسامتة ، بمعنى رؤية الإنسان مسامتا للكعبة المشرّفة لو كانت مرئيّة ، كمسامتتنا للكواكب ، ومقتضى هذا أنّه لو تمكَّن المكلَّف من تحصيل العلم به فهو المتعيّن في مرحلة الامتثال ، وإلَّا يتنزّل إلى ما دونه من الاحتياط بتكرار الصلاة بعدد النقاط المحتملة إن لم يكن متعذّرا أو متعسّرا ، وإلَّا يتنزّل إلى الاحتياط الجزئي ، ومع عدم إمكانه أو حرجيّته إلى الصلاة الواحدة في إحدى النقاط المحتملة ، لكن مع رعاية عدم لزوم المخالفة القطعيّة بأن يواظب بإتيان سائر صلواته لهذه النقطة التي صلَّى صلاته الأولى نحوها ، ضرورة أنّه لو صلَّى الظهر مثلا إلى نقطة من تلك النقاط المحتملة والعصر إلى نقطة أخرى منها يحصل له العلم بمخالفته القبلة الواقعيّة في إحدى الصلاتين ، هذا مقتضى القاعدة الأوّلية في مرحلة الامتثال بالنسبة إلى كلّ موضوع رتّب عليه الحكم . ولكن يمكن أن يقال : إنّ طريقة العرف في أوامرهم العرفيّة استقرّت على