جمع المكلَّف بينهما لوقعا بصفة المطلوبيّة . فلهذا يمكن تصحيح الأمر بالمهمّ منهما بنحو الترتّب على عصيان الأهمّ ، بخلاف الحال في المقام ، إذ ليس المانع صرف عدم القدرة على الجمع لأجل المضادّة بين الفعلين في الوجود ، بل المانع كونه مأمورا بإيقاع الظهر قبل العصر ، بحيث لو فرض محالا إمكان جمعهما لم يجب عليه ، بل لم يكن مشروعا ، هذا حال العمد . وأمّا إذا نسي وسها فلا مانع من صحّة العصر ، لصلاحيّة الوقت وكونها تامّة الأجزاء والشرائط الشرعيّة بدون مانع من ناحية التكليف المستقلّ النفسي الآخر ، أعني : صلّ الظهر قبل العصر ، لكونه معذورا في مخالفته ، هذا صورة ما استفاده هذا الحقير من كلماته الشريفة . وقد استشكل عليه شيخنا الأستاذ دام ظلَّه بأنّ المانع عن صحّة كلّ عبادة منحصر في أمرين لا ثالث لهما . الأوّل : فقد شرط أو جزء من شروطه وأجزائه التي اعتبرها الشارع فيها . الثاني : اجتماعهما في الوجود مع فعل مبغوض محرّم على القول بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي ، فإنّ الوجود المبعّد لا يصلح أن يكون مقرّبا ، وأمّا عدم الأمر في الواجبين المتزاحمين بالنسبة إلى غير الأهمّ منهما ، فأوّلا قد ثبت في محلَّه عدم حاجة العبادة إلى وجود الأمر ، بل يكفي وجود الجهة ، وثانيا ثبت في محلَّه أيضا إمكان تصحيح الأمر بنحو الترتّب ، فالمانع عن صحّة العبادة بناء على هذا غير متصوّر إلَّا في فقد الجزء والشرط وفي باب الاجتماع في الفرض المذكور . إذا عرفت هذا فنقول : إن أراد من قوله طاب ثراه : إنّ هنا واجبا آخر وهو فعل الظهر مقدّما على العصر كونه بنحو وحدة المطلوب فاللازم سقوط الظهر لو قدّم العصر عمدا ، لا عدم صحّة الأمر ، غاية الأمر أنّه عصى بتفويته للظهر المقدّم الذي