كالبيّنة متّبعا وإن لم يفد الظنّ ، بل وإن ظنّ بالظنّ الغير المعتبر خلافه ، فإنّه وإن كان ورود الأمر باتّباعه كذلك ممكنا وليس كالعلم ، إلَّا أنّ الظاهر كونه كأوامر الإطاعة إرشاديّا ، وذلك لأنّه إذا ورد أمر في مقام كيفيّة الامتثال بطريقة يسلكها أهل العرف سواء كان ابتداء متعلَّقا باتّباعها أو باتّباع جزئي معلَّلا بتلك الكبرى فالإنسان لا يفهم منه التعبّد ، بل الإحالة إلى ما هو المرتكز بين العقلاء من دون إطلاق للكلام لغير مورد ارتكازهم . وبعبارة أخرى : الأخذ بالإطلاق فرع الكون بصدد التشريع والجعل . وأمّا إذا كان اللسان لسان الإرشاد والتنبيه فليس أمرا زائدا على المرتكز العقلائي ، فلا بدّ من التأمّل في ذلك المرتكز بحسب بناء العقلاء ، ومقدار سعته وضيقه يعلم بالمراجعة إليهم . وحينئذ نقول : قد ورد على لسان الشارع المقدّس إرجاع الناس إلى المؤذّنين بمثل قولهم عليهم السّلام : « صلّ بأذان هؤلاء ، فإنّهم أشدّ شيء مواظبة على الوقت » [1] ، وفي آخر : « المؤذّن مؤتمن » [2] ، وفي ثالث قال السائل : أخاف أن نصلَّي الجمعة قبل أن تزول الشمس ، « قال : إنّما ذلك على المؤذّنين » [3] . ولا يخفى أنّ سوق ذلك سوق كلام القائل في مقام إرجاعك إلى طبيب أنّه رجل عارف متدرّب في فنّه ، ومقصوده إزالة الشكّ والخوف عنك ، وبعد ملاحظة كون المؤذّنين في تلك الأزمنة أشخاصا مخصوصين منصوبين من قبل السلطان
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 3 من أبواب الأذان والإقامة ، الحديث 1 . [2] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 3 من أبواب الأذان والإقامة ، الحديث 2 . [3] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 3 من أبواب الأذان والإقامة ، الحديث 3 .