ومنها : أذان الثقة العارف بالوقت ، وحجّيته أيضا محلّ إشكال ، فإنّ الظاهر من أخباره أيضا عدم التعبّد في اتّباعه ، بل من باب أنّهم أمناء ومؤتمنون وأشدّ شيء مواظبة على الوقت ، وهذا يوجب الوثوق الفعلي ، ففي الحقيقة الحجّة هو الوثوق ، ولهذا صرّح في بعض الأخبار بعدم جواز الاعتماد ما لم يحصل العلم ، ومع حصول الشكّ . نعم إن استفيد منها التعبّد بأذان الثقة العارف بالوقت فالظاهر أنّ مناط الحجّية هو الحكاية الحاصلة من أذانه ، فكونه عارفا بصيرا بالوقت يسدّ باب احتمال الخطأ على اعتقاده ، وكونه موثّقا يسدّ باب احتمال الكذب في إخباره عن معتقده ، ولا يفرق في هذا المناط بين أذانه أو إخباره ، بل وفعله الكاشف عن دخول الوقت مثل صلاته ، كما أنّه الحال في حجّية البيّنة ، فلو رأينا عدلين اقتديا بشخص حكمنا بعدالة المقتدى لحكاية فعلهما عن تعديلهما إيّاه . ولكن لا يخفى أنّه لا ملازمة حينئذ بين اعتبار قول الثقة العارف وبين اعتبار قول العدل الواحد ، وجه ذلك أنّ الثقة عبارة عمّن يحصل الوثوق بإخباره لنوع الناس ، وأمّا العدل فهو بحسب معناه الواقعي وإن كان عبارة عن صاحب الملكة الرادعة عن المعاصي ومنها الكذب ، ولكن بحسب الإثبات ربّما لا يكون أدنى مرتبة الظنّ حاصلا بوجود هذه الملكة في من يحكم بعدالته في الظاهر وترتّب عليه أحكامها ، وذلك للاكتفاء في إثباتها بحسن الظاهر ، وهذا لا يلازم الوثوق بنفس الشخص ، والوثوق أمر وجداني لا يقبل التعبّد ، فلا يمكن أن يقال : إنّه منزّل منزلة واجد الملكة واقعا في أحكامه ومنها كونه موثّقا ، وهذا واضح . ولكنّ العمدة هو التأمّل في دلالة الأخبار على التعبّد بأذان الثقة بحيث كان