تحقيق في معنى : « خذوا ما رووا . . إلخ » ولكنّ الإنصاف عدم دلالة الكلام المزبور إلَّا على تصديقهم فيما يروون ، بمعنى صدقهم في قولهم : حدّثني فلان ، والمعاملة معه معاملة حديث ذلك الفلان ، كما لو كنّا سمعنا منه ، فلا يدلّ على توثيق المرويّ عنه حتّى لا يلزم علينا الفحص عنه لو كان مجهولا ، بل غايته صيرورة روايتهم كحال علمنا بصدق قولهم ، فلو علمنا بأنّ داود بن فرقد روى عن بعض أصحابنا كان علينا تحقيق حال هذا البعض ، فالعمدة هو الوجه الأوّل ، هذا حال السند . وأمّا الدلالة فالظاهر أنّها بمرتبة الصراحة ، ولا يحتمل أن يكون وجه التقديم مراعاة الترتيب ، كما في قوله عليه السّلام : إلَّا أنّ هذه قبل هذه ، لأنّه عليه السّلام قال : حتّى يمضي مقدار ما يصلَّي المصلَّي ، فلم يقيّد بالصلاة الفعليّة ، بل بمضيّ هذا المقدار ولو لم يصلّ . كما أنّه لا يحتمل إرادة وقت الفضيلة دون الإجزاء ، فإنّه قال : « فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتّى يبقى من العصر مقدار ما يصلَّي المصلَّي أربع ركعات » ، ومعلوم أنّه ليس هذا الامتداد إلَّا لوقت الإجزاء . وبالجملة ، فصراحة الرواية في الاختصاص ممّا لا ينبغي إنكارها . وهذا بخلاف الحال في روايات الاشتراك ، فإنّها قابلة للتوجيه ، بل في نفسها ما يؤيّد الاختصاص ، وهو قوله عليه السّلام في إحدى روايتي عبيد بن زرارة منها : « إلَّا أنّ هذه قبل هذه » [1] عقيب قوله : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 4 من أبواب المواقيت ، الحديث 5 .