ولا يجوز السجود على الوحل الذي هو لسيلانه مانع عن استقرار الجبهة عليه ، وهذا الحكم مضافا إلى ورود النصّ به مطابق للقاعدة ، فإنّه لا يخلو إمّا أن يسجد على نفس الوحل وقد عرفت أنّه يفوت معه الاستقرار وإن كان الوحل من الأرض ، وإمّا أن يسجد على الأرض تحته بغرق جبهته في الوحل ، وهذا أيضا غير جائز ، لعدم صدق أنّه سجد على الأرض ، فإنّه مثل ما إذا ألصق قطعة من التراب على جبهته ثمّ وضعها مع تلك القطعة على الأرض ، فإنّه ليس وضعا للجبهة على الأرض ، بل وضع للأرض على الأرض ، ولا فرق بين حصول ذلك من ابتداء الهويّ للسجود وبين حصوله في أثنائه كما فيما نحن فيه ، حيث إنّه من حين مماسّة الجبهة للوحل يلصق بجبهته أجزاء الوحل إلى أن يصل إلى الأرض ، فهو قد وضع أجزاء الوحل الملصقة بجبهته على الأرض ، لا أنّه وضع جبهته عليها . ولو اضطرّ إلى السجدة على الوحل ولم يقدر على ما يستقرّ عليه الجبهة من الأرض أو النبات أو الكاغذ فمقتضى قاعدة الميسور مع قطع النظر عن الخبر الخاصّ لزوم إيصال الجبهة إلى الوحل بدون استقرار ، أو غرقها حتّى تصل الأرض مع استقرار ، لكن مع الحائل ، لأنّه ميسور السجود مع الاستقرار بلا حائل . ولكن دلّ الخبر الخاصّ بأنّه يومئ للسجود حينئذ وهو قائم ، وهو موثّق عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام في « الرجل يصيبه المطر وهو في موضع لا يقدر أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافّا ؟ قال عليه السّلام : يفتتح الصلاة ، فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلَّى ، فإذا رفع رأسه عن الركوع فليؤم بالسجود إيماء وهو قائم يفعل ذلك حتّى يفرغ من الصلاة ويتشهّد وهو قائم ، ثمّ يسلَّم » [1] .
[1] الوسائل : كتاب الصلاة ، الباب 15 من أبواب مكان المصلَّي ، الحديث 4 .