العمل المبغوض محصّلا لعباديّة المسبّب من جهة تسبّبه إليه ، ومبغوضا من الجهة الراجعة إلى ذاته . قلت : ليس جهة إعطاء عنوان العباديّة في المقدّمة المباحة صرف التسبّب ، بل من جهة أنّ الفاعل إذا أراد بالفعل المباح تحصيل تلك الجهة المطلوبة حصل له الحسن الفاعلي ، فإذا انضمّ إلى حصول تلك الجهة تحقّقت العبادة . وأمّا في المقام فلم يبعثه إلى الفعل إلَّا الشيطان ولم يزده هذا العمل إلَّا بعدا عن ساحة المولى ، فكيف يحصل له الحسن الفاعلي ، نعم يأتي الكلام في أنّه هل يحصل له القرب بصرف ترتّب تلك الجهة الحسنة المطلوبة . ولكنّك قد عرفت أنّ تلك الجهة بمجرّدها ما لم تنضمّ إلى سعي فاعلي وحركة جوارحي لم يتحقّق بها العبادة ، وإلَّا فصحّ قصد العباديّة بطيران الغراب الذي علم بوقوعه خارجا وكونه مطلوبا للمولى ، بل لا بدّ من إعمال وسع وإتعاب بدن من العبد في سبيله ، والسعي المتحقّق منه في المقام حسب الفرض لم يوجب له إلَّا البعد ، فبقي الحسن الفاعلي بلا محصّل ، وبدونه لا تتمّ العبادة . اختصاص البطلان بصورة فعليّة النهي ثمّ إنّه على فرض القول بكون المقام من صغريات مسألة اجتماع الأمر والنهي فلا إشكال في اختصاص البطلان بصورة فعليّة النهي وتنجّزه ، فلو كان المكلَّف معذورا فيه إمّا للجهل بأصل النهي قصورا أو بموضوعه أو للنسيان في أحدهما فلا مانع من تحقّق العبادة ولو على مذهب القائل بامتناع اجتماع الأمر والنهي . وتفصيل هذا المطلب وإن كان يطلب من الأصول ، إلَّا أنّه لا مانع من الإشارة إليه هنا على سبيل الإجمال .