فنقول : العذر تارة شرعي ، والأخرى عقلي ، أمّا الأوّل فكما في مورد ثبوت اليد المحكوم شرعا بكون المال ملكا لذيها ، فأخذ الثوب أمّا بإذنه أو بالشراء أو الاستئجار منه ، فإنّه مرخّص شرعا في الاستعمال لهذا الثوب ، لكنّه بحسب الواقع باق على حرمة الاستعمال ، ولو فرض أنّه لا يسمّى غصبا ، لأنّه تصرّف عدواني ، وهو ملازم مع العصيان وفعليّة النهي نقول : على فرض التسليم لا ندور مدار اسم الغصب ، بل المعيار وجود النهي الواقعي ، وهو متحقّق ، فالمدّعى أنّ هذا التحريم بوجوده الواقعي غير مناف مع ورود الأمر ، كيف وهو قد اجتمع مع الترخيص ، والتضادّ مشترك بينه وبين الوجوب . فإن قلت : هو إنّما يكون في موضوع الشكّ في التحريم ، فبينهما الترتّب والطوليّة ، نقول نحن أيضا : نفرض محلّ الأمر الصلاتي هذا الموضوع ، ولا يقال : إنّه خروج عن المطلب ، فإنّ كلامنا في اجتماع الأمر والنهي ، وهذا من باب اجتماع الحكمين الظاهري والواقعي . قلت : إن أردت أنّه حكم ظاهري بمعنى أنّ له انكشاف الخلاف فلا كذلك ، لأنّه لا كشف خلاف في هذا الأمر ، لأنّ الحركة الخارجيّة لا نقصان فيها من حيث الأجزاء والشرائط المعتبرة في الصلاة ، وإنّما المانع من قبيل الأمر ، وهو في هذا الموضوع أعني : الشكّ لا مانع له ، فمع فرض وجود المقتضي يحصل العلَّة التامّة للثبوت ، والأوامر الظاهريّة التي لها كشف الخلاف إنّما ذلك بواسطة خلوّها عن المصلحة الذاتيّة في المتعلَّقات ، فلا يصلح للمقرّبيّة والعباديّة ، هذا في صورة العذر الشرعي . وأمّا مع العذر العقلي كالنسيان حيث إنّ العقل يعذر الناسي ، لا أنّ له رخصة شرعيّة في الارتكاب فأوّلا نقول بإمكان إثبات الأمر في هذا الموضوع أعني : من كان معذورا من الحرام الواقعي بالنسيان أو نحوه بقاعدة الترتّب التي