إسم الكتاب : كتاب الشهادات ، الأول ( عدد الصفحات : 461)
وكلام الأصحاب من توجيه حتى يوافقا الظواهر ) [1] . وفي الميزان بعد أن نفى الريب في دلالة الآية على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر وأن الصغائر سميت في الآية بالسيئات ، وأن الآية في مقام الامتنان جعل مساق الآية مساق الآية الداعية إلى التوبة التي بعد غفران الذنوب ، قال : ( هي تقع أسماع المؤمنين بعناية لطيفة إلهية أنهم إن اجتنبوا البعض من المعاصي كفر عنهم البعض الآخر ، فليس اغراء على ارتكاب المعاصي الصغار ، فإن ذلك لا معنى له ، لأن الآية تدعو إلى ترك الكبائر بلا شك ، وارتكاب الصغيرة من جهة أنها صغيرة لا يعبأ بها ويتهاون في أمرها ، يعود مصداقا من مصاديق الطغيان والاستهانة بأمر الله سبحانه وهذا من أكبر الكبائر ، بل الآية تعد تكفير السيئات من جهة أنها سيئات لا يخلو الانسان المخلوق على الضعف المبني على الجهالة من ارتكابها بغلبة الجهل والهوى عليه ) [2] . قلت : إن الألطاف الإلهية بالنسبة إلى المؤمنين في باب العفو والمغفرة تتجلى في التوبة وفي الشفاعة ، وفي اذهاب الحسنات للسيئات ، وفي غفران الله سبحانه الذنوب لمن يشاء إلا الشرك به عز وجل . لكن جعل مساق الآية الكريمة : ( إن تجتنبوا . ) مساق ما يدل على التوبة خلاف الظاهر ، للفرق بين التوبة ومدلول الآية ، لأن سد باب التوبة يوجب اليأس والقنوط من رحمة الله ، والانسان إذا يئس توغل في المعاصي وأفرط في المخالفة بخلاف فتح هذا الباب . فإنه لا يسبب ذلك ، أما مدلول الآية الشريفة فظاهره الوعد بتكفير الصغائر وعدم المؤاخذة عليها دائما بشرط اجتناب الكبائر . فالجواب المذكور غير مقنع ، وتفصيل الكلام في بيان معنى الآية الكريمة
[1] الصافي في تفسير القرآن 1 / 412 . [2] الميزان في تفسير القرآن 4 / 345 .