وقال صاحب الرياض بأن الوجوب كفائي في صورة عدم الاشهاد ، فإن انحصر فعيني ، وفي صورة الاشهاد يكون الوجوب عينيا عرضا ، وهذا لا ينافي كونه كفائيا بالذات . وقال كاشف اللثام باحتمال تنزيل النصوص على عدم الوجوب العيني لوجود ما يثبت به الحق المشهود غيره ، وباحتمال أن يراد بسماع الشهادة في صحيحتي محمد بن مسلم ونحوهما سماعها وهي تقام عند الحاكم ، قال : بل هو الظاهر ، فيكون الاستغناء عنه أظهر ، ويكون المعنى أنه إذا سمع الشهود يشهدون بحق ولم يشهد عليه أي لم يطلب منه الشهادة للاكتفاء بغيره كان بالخيار . أقول : لكن هذا الاحتمال يخالف ظواهر النصوص . ثم ذكر غير هذين الاحتمالين أيضا . وقال صاحب الجواهر : بأن الذي أشهد يجب عليه الإقامة إلا إذا علم بإقامة غيره فيسقط عنه التكليف ، وحاصل ذلك بقاء الوجوب مع الشك في إقامة غيره ، وأما الذي لم يشهد فلا يجب عليه الإقامة إلا إذا علم بضياع الحق بعدم إقامته ، وحاصل ذلك عدم الوجوب عليه مع الشك في توقف الحق على شهادته ، فهذا هو الفرق بين من أشهد ومن لم يشهد . أقول : لكن القول بعدم الوجوب على من يشهد عند الشك في قيام الغير بالواجب يخالف مقتضى أدلة الوجوب الكفائي ، فإن مقتضاها وجوب الإقامة إلا مع اليقين بقيام الغير . ومما ذكرنا ظهر أن النزاع معنوي ، وأن الأقرب الوجهان الأولان ، والله العالم .