إذا سقط إنسان من شاهق على آخر بغير اختياره فقتله من الروايات الدالَّة على عدم ثبوت الدية على الساقط . انتهى موضع الحاجة من كلامه .
أقول : في كلامه نظر من وجوه : أولها : أنّ نقله القول بأنّ « قتل النائم باعتبار ارتفاع الاختيار عنه من باب الأسباب التي ضمانها عليه دون العاقلة » لا وجه له .
ثانيها : قوله « ولذا ذكر الأصحاب ذلك في باب ضمان النفوس » أيضا لا وجه له وذلك لأنك عرفت أنّ الظئر ضامن لردّ الطفل إلى وليّه من باب ضمان النفوس لا مطلق النائم .
ثالثها : في قتل الخطأ لا يلزم أن يكون القتل بالاختيار بل الخطأ يصدق سواء كان بالاختيار أو بدونه كما يظهر من العرف ومن كتب اللغة أيضا كما في كتاب أقرب الموارد « قال : خطأت القدر بزبدها » وكذا يظهر من سائر مشتقّاته .
رابعها : أنّ تفسير القتل الخطائي في الرواية بأن يريد شيئا ويصيب غيره ليس الحصر فيه حصرا حقيقيّا بل إضافي ، فإن لم يكن بالإرادة والاختيار فهو أولى بأن تكون الدية على العاقلة بعد صدق الخطأ عليه بالأولوية .
خامسها : أنّه لا يجوز قياس المورد بما إذا سقط إنسان من شاهق على آخر بغير اختياره فقتله لورود النصوص فيه مخصوصا ، وثانيا يمكن الفرق بينهما بأنّ السقوط يتحقّق بدون أن يصدر من الساقط حركة ولو بدون اختياره بخلاف المورد فإنّ تحقّقه منوط بحركة من النائم ولو بدون القصد ، ويمكن الفرق بينهما أيضا بأنّ الصدمة الحاصلة من الساقط من شاهق أكثرها يحصل من الهواء ، فإنّ الحجر إذا كان وزنه منّا مثلا فإذا سقط من شاهق إلى السافل يصير وزنه منّين مثلا وكثرة الوزن يحصل من الهواء ، فالقتل ليس مسندا إلى الساقط بخلاف النائم ، وكيف كان فالأولى أن يقال إنّ الفارق هو النص .

55