يستفاد من دليل آخر ، ومعنى قولهم : « إنّ القيد الغالبي لا مفهوم له » ، أنّه لا يصلح لتقييد إطلاق مستفاد من دليل آخر ، فعليه إذا كان عنوان « لا ربّ لها » لمجرّد كون ذلك غالبيا فلا مفهوم له ، وإن لا يمكن استفادة الإطلاق منه ، ولكن إذا كان هناك مطلق ، نحو قوله ( عليه السلام ) في المرفوعة المتقدّمة : « والموات كلَّها هي له » ، لا يصلح ذلك العنوان لتقييده ، فيحكم حينئذ بأنّ الأرض الموات وإن كان لها مالك واقعا لعدم الإعراض عنها ، ولكن إذا لم يكن لها مالك معروف فهي للإمام ( عليه السلام ) ، وهكذا بالنسبة إلى قوله « كل أرض خربة » وقوله « كل أرض خربة لا ربّ لها » ، فحينئذ لا تكون الأرض التي لها مالك معروف لم يعرض عنها ولكن طرء عليها الموتان لأجل عدم العمران وفقدان الوسيلة مثلا من الأنفال . فتحصل : أنّه إن كان المراد من قوله : « لا ربّ لها » ، أنّه لا ربّ لها معروف فلا بأس به ، وإن كان المراد منه أنّه لا ربّ لها واقعا ، لا مفهوم له حتّى يقيّد إطلاق قوله : « والموات كلها هي له » لأنّ ذلك للغلبة ، فيحكم بأنّ الموات مطلقا - سواء لم يكن له مالك واقعا لإعراضه عنه ، أو لم يكن مالكه معروفا - من الأنفال . وبالجملة : الدليل على أنّ الموات من الأنفال عدّة من الروايات التي فيها الصّحاح وغيرها - قد تقدم بعضها المتكفّل له فلا نعيده . ومنها : ما عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « لنا الأنفال » ، قلت : ومال الأنفال ؟ قال : « منها : المعادن ، والآجام ، وكلّ أرض لا ربّ لها ، وكلّ أرض باد أهلها ، فهو لنا » [1] . ومنها : ما عن ابن سنان قال : « هي القرية الَّتي قد جلا أهلها وهلكوا فخربت » ، فقال : « هي للَّه وللرسول » [2] .
[1] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب الأنفال ، ح 28 . [2] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب الأنفال ، ح 29 .