بعد لحاظ النصاب - بأن لم يقيّد الصدر الذي هو المقدّم - لا بدّ أن يتصرّف في الذيل الذي هو التالي ، إذ معناه : « إذا بلغ المستخرج عشرين دينارا ففيه الخمس بعد وضع المؤنة » . وعلى تقدير لحاظ النصاب قبل وضعها لا بدّ أن يتصرّف في المقدّم ، بأن يقال : « إذا بلغ المستخرج بعد وضع المؤنة كذا ففيه الخمس » . والحاصل : أنّ ما يدلّ على وضع المؤنة من عموم الآية الناطقة بأنّ الخمس إنّما هو في الغنيمة [1] وما يدلّ على أنّه بعد المؤنة [2] ، هل لوحظ بنهج الأوّل ، أو الثاني ؟ وحيث إنّه أمكن كلا اللَّحاظين فلا بدّ أن يتأمّل في أن تقييد المقدّم أولى من تقييد التالي أو العكس ؟ الذي يستفاد منه ما هو الحقّ هو اختلاف المقدّم والتالي في قبول التقييد وعدمه ، فإنّ للمقدّم إطلاقا قابلًا للتقييد دون التالي ، إذ المراد من نحو قوله : « إذا بلغ المستخرج عشرين دينارا ففيه الخمس » [3] ، يحتمل أن يكون إذا بلغ تمام المستخرج كذا ففيه الخمس ، وأن يكون إذا بلغ بعضه كذا ففيه الخمس ، فللمقدّم إطلاق شامل للكلّ والبعض . وأمّا التالي فالظاهر منه بساطة اللَّحاظ الوارد على المجموع ، بأن يكون الملحوظ في قوله « ففيه الخمس » نفس هذا الشيء أي المجموع ، إذ لا يلحظ فيه أنّ في جميعه الخمس أو في بعضه ، إذ الخمس المتعلَّق هناك لا يتوجّه إلى كلّ جزء جزء حتّى يصلح لذلك ، فالمعنى حينئذ : « إذا بلغ ذلك المقدار ، سواء كان قبل وضع المؤنة أم بعده ففي هذا الشيء الخمس » ، فعليه - لو كان هناك مقيّد - لا بدّ أن يقيّد
[1] سورة الأنفال : آية 41 . [2] أشير إليه فيما تقدّم آنفا . [3] ولفظ الحديث هكذا : « . ليس فيه شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا » ، راجع الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 4 من أبواب ما يجب فيه الخمس .