الذهب عشرين دينارا والفضّة مأتي درهم وبلوغ غيرهما من أقسام الكنز أحد النصابين لأنّ التماثل في كلّ شيء بحسبه ، كما يلتزم بنحو ذلك فيما لو شبّه الأشخاص الكثيرة المختلفة الأوصاف بالأسد ، فإنّه يتبادر منه اشتراك الأسد مع كلّ واحد منها في الصفة الظاهرة له ، وإن لم يحكم بذلك فيما لو شبّه كلّ واحد منها منفردا بلا انضمامه مع غيره ، إذ حينئذ يتبادر إلى الذهن الاشتراك فيما هو أظهر خواص المشبّه به كالشجاعة في المثال .
ولكن لا يخفى عليك بعد هذا التفصيل لبعد منشأه ، إذ عليه يكون بعض الأقسام عينا كالنقدين وبعضها الآخر مثلا كما في غيرهما مع أنّ الظاهر من المثل المماثل في مقدار الماليّة وهو أمر كلَّي منطبق على جميع أنواع الكنز من النقدين المسكوكين وغير المسكوكين وسائر أنواع الجواهر النفيسة ، فيتّجه حينئذ الوجه الأوّل - وهو عدم التفصيل والفرق بين النقدين وغيرهما وأنّ المناط في جميع الأقسام البلوغ إلى حدّ أقلّ النصابين - لكون الزكاة متعلَّقة بالنقدين إذا بلغ ذلك الحدّ فلو بلغ مقدار ماليّة كنز مأتي درهم يجب فيه الخمس وإن لم تبلغ مقدار عشرين دينارا لكونه يصدق عليه أنّه ممّا في مثله الزكاة ، فلا يلتفت إلى احتمال الأوّل لكونه خلاف الظاهر ، وعلى فرض عدم ظهوره في ذلك لا يمكن رفع اليد عن الإطلاقات الأوّليّة الدالَّة على وجوب الخمس في الكنز كائنا ما كان مقدارا ، لعدم انعقاد ظهور قوى للمقيّد في كون النصاب في النقدين هو ما في باب الزكاة لكلّ منهما بحيث لا يجب فيما بلغت قيمته مأتي درهم من الذهب إذا لم يبلغ عشرين دينارا وبالعكس فيما إذا بلغت قيمة الفضّة عشرين دينارا ولم تبلغ مأتي درهم فالإطلاق الأوّلي محكَّم عند الشكّ فلا يرفع اليد عنه إلَّا بالمقدار المتيقّن خروجه وهو ما لم يبلغ إلى حدّ أقلّ النصابين وإذا بلغه يجب فيه الخمس وإن لم يبلغ حدّ النصاب الآخر .

109