احتمال التعب والكدّ ، كما في المكاسب المتداولة الملازمة مع السعي ، بل السفر إلى بلاد أخرى لنقل الأمتعة والأجناس إلَّا ما خرج بالدليل ؟ أو الأصل عدم الوجوب إلَّا في الموارد الخاصة الواردة من الشرع ؟ لا إشكال في أن القول الثاني التزام بعدم الإطلاق للآية الكريمة [1] :
[1] قد يحتمل كون السهام خمسة لعدم السهم للَّه تعالى ولم يذكر اسمه الشريف لذلك بل للتيمن وافتتاح الكلام ، كما عليه بعض العامّة ووافقه بعضنا أيضا . وقد يحتمل أنه لبيان كونه تعالى من المصارف الستة ومالكا جلّ شأنه سدسا منه . وبيان ملكيته تعالى لذلك بالخصوص مع كونه مالك السموات والأرض حقيقة : بأنه غير تلك المالكية المطلقة ، والمراد منها هنا الملكية الطولية بمعنى ملَّك هو تعالى بنفسه عبادة الأموال وأذن لهم التصرف فيها كيف شاؤا إذا لم يتعدوا طور القانون الإلهي ، ثم تملك هو تعالى العبد وما في يده نظير أحد التصورات في باب ملك العبد ، فإن منها : أنه لا يملك أصلا ، ومنها : أنه يملك ما لم يسلب المولى عنه الملكية ، ومنها : أنه مالك لما في يده ولكن المولى مالك له ولما في يده ، فملكية العبد في الرتبة المتقدمة ذاتا على ملكية المولى تقدم الموضوع على الحكم . وهيهنا نقول : لا إشكال في مالكيته تعالى لجميع الموجودات أولا وبالذات قبل خلق العباد ومعهم وبعدهم ، ولكن إذا أوجدهم وأمضى لهم الملكية فتصرف كل واحد منهم ممضى لكونهم مسلطين حينئذ عليها ، فيعتبر أيضا ملكيته تعالى لهم ولما في أيديهم تأخر الحكم عن الموضوع ، هذا تمام الكلام بالنسبة إلى غير الخمس . وأما هو فملكه تعالى بنفسه من دون أن يكون بالطول كالمباح العام ، إلَّا أن الفرق واضح بين المباح العام ، الذي هو ملك له تعالى ابتداء ويجوز حيازته لكل أحد وبين الخمس فإنه لم يؤذن فيه ذلك . وهكذا الكلام بالنسبة إلى ما ورد من أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم والأئمة ( عليهم السلام ) مالكين بإذن اللَّه تعالى ، على الإطلاق وبالنسبة إلى الخمس أيضا ، إلا أن الفرق هيهنا بين الخمس والمباح العام ضروري ذاتا لكونه ملكا شخصيا عليه فلا يمكن الالتزام بصحة الملكية المطلقة لهم ما لم يتصور الطول ، إذ يلزم كون جميع المعاملات والتصرفات متوقفة على إذنهم ( عليهم السلام ) ووقوعها في ملكهم مع أنهم ( عليهم السلام ) لم يعاملوا ذلك قطَّ ، بل كانوا كأحد من الناس في مجاري الأمور المالية . والحاصل من جميع ما تقدم : كونه تعالى من المصارف ولم يذكر للتيمن والافتتاح فقط ، وأما - البحث عن كيفية صرف سهمه تعالى ففي المسائل الآتية . ويمكن الاستشهاد لما اخترناه من رواية 8 من خمس الفقيه ، فإن فيها : « أمّا خمس اللَّه فللرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم يضعه في سبيل اللَّه » . ( الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 1 من أبواب قسمة الخمس ، ح 1 ) . ولا تغفل أن ما تصورنا من كيفية الملكية الطولية لكشف الذهن في المفاهيم فقط ، وإلا فالأمر في مالكيته تعالى أجل من أن يتعقل أصلا ، بل محال أن تنال حقيقتها إلا لمن هو من صقع المبادئ العالية ، لا على الإطلاق أيضا بل مقدار سعة وجوده وتجلَّي نوره تعالى فيه . ( المقرّر دام ظلَّه ) .