وقد دهم الأجنبيّ إلى البلد ، أو لغيره من المصالح الداعية له [1] ، كل ذلك للتبادر عرفا من الكنز وعدم المساعدة على إطلاقه فيما كان فاقدا لبعض القيود المتقدّمة ، أمّا الأوّل : فواضح ، وأمّا الأخيران : فكذلك أيضا إذا رجع إلى العرف متأمّلا في موارد الإطلاقات الخالصة عن شوب التوسع والمجاز وليس المقام ممّا لا يتمّ إلَّا بالبرهان ، فلذا غاية ما يمكن ادّعائه على المختار هو عدم تبادر غيره عرفا . ثمّ إنّه قد يدّعى كون الحكم - وهو وجوب الخمس - فيما كان عاريا عن القصد بل استتر في الأرض بالعلل الطبيعيّة قطعيّا ، إمّا لأجل كونه كنزا حقيقة أو لأجل كونه ركازا ، وقد علَّق عليه الحكم أيضا في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن المعادن كم فيها ؟ فقال : « كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس » [2] . ولكن لا يخفى عليك ما فيه ، والتحقيق الذي يتّضح به فساد ما ادّعى هو : أنّه لا ريب في تغاير معنيي الركاز والكنز في الجملة ، فإنّه يصدق الركاز على المعدن أيضا دونه وهو واضح ، وعلى المرتكز في الأرض مذخورا كان أو غيره ، من النقود المسكوكة وغيرها ، من الجواهر أو غيرها من الأموال الخاصّة حتّى المأكول والملبوس ، وتفارق معنييهما ظاهرا في لزوم الاستقرار في الأرض مدّة طويلة لأنّ
[1] قال الميبدي في بديع اللغة : « الكنز ما يدفن من الدراهم ونحوها معرّب گنج وهو ظاهر » انتهى ( بديع اللَّغة : ص 138 ، « الكنز » ) ، ولا يفهم من أصله عند من يتكلَّم بالفارسيّة إلَّا ما اجتمع القيود كما لا يخفى . ( المقرّر دام ظلَّه ) . [2] الوسائل ، كتاب الخمس ، ب 3 ، من أبواب ما يجب فيه الخمس ، ح 3 . وقوله ( قدّس سرّه ) : « ثمّ إنّه قد يدّعى » لعلَّه إشارة إلى ما جاء في كتاب الخمس للشيخ الأعظم الأنصاري ( قدّس سرّه ) ، المسألة 3 ، ص 484 ، ( من الطبعة الحجريّة ) ، ص 132 ( من الطبعة الحديثة ) : « ويمكن أن يدّعى إلحاق المذخور بنفسه بالكنز لصحيحة زرارة » .