الشيخ ( قدّس سرّه ) في الجمع بين الأخبار المتعارضة ، وإن لا يساعد ذلك الجمع التأمل فيها بل ربما يأباه ، وغاية ما يستفاد من الجواهر [1] ، وهكذا ما حقّقه الفقيه الهمداني ( قدّس سرّه ) [2] هو بيان ما يتعلق بالأمر الثاني وهو الحكم الوضعي ، وأما الأول - أي الحكم التكليفي وهو ممنوعيته عن ذلك - فلا . والذي يقوي في النفس في توجيه كلام الشيخ ( قدّس سرّه ) بيان المدارك الذي لم يقف عليه صاحب المدارك ، ويحتاج ذلك إلى تقديم مقدمة نافعة في المرام وهي : أنه لا ريب في أن التأمل في أخبار إحياء الموات يهدينا إلى جواز تصرف الذمّي في الأراضي الميتة بالمصالحة وصيرورتها ملكا له بالإحياء ، وترتيب آثار الملكية من الاشتراء وغيره ، كما يظهر مما نقله في الفقيه عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : سئلته عن الشراء من أرض اليهودي والنصراني ؟ فقال : « ليس به بأس ، وقد ظهر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، على خيبر فخارجهم على أن تكون الأرض في أيديهم يعملون فيها ويعمرونها ، وما بأس لو اشتريت منها شيئا ، وأيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض فعمّروه فهم أحق به وهو لهم » [3] ، وغيرها من الروايات الدالة على تملكهم للأراضي الميتة بالإحياء كغيرهم من المسلمين ، وأن لا شيء عليهم سوى الزكاة من العشر فيما سقت السماء ونحوها ، ونصف العشر فيما سقي بالدلو ونحوه . إذا تمهدت لك هذه فنقول : هناك طائفتان من الرواية : إحديهما : ما هي صريحة في أنهم يعيشون في فضل مظلمة الأئمة ( عليهم السلام ) ، وهكذا غيرهم بل
[1] جواهر الكلام ، ج 16 ، ص 24 - 23 . [2] مصباح الفقيه ، كتاب الخمس ، ص 114 . [3] الفقيه ، ج 3 ، ص 239 ، ح 3876 ( كتاب المعيشة ، باب إحياء الموات ، ح 1 ) . وأورده في الوسائل ، كتاب الجهاد ، ب 71 من أبواب جهاد العدو ، ح 2 بتفاوت ما ، عن التهذيب ، ثم قال : ورواه الصدوق بإسناده عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، نحوه .